ولا حينَ الحُكمِ بها، ولهذا لو فَسَقَ بعدَ الاسْتِيفاءِ، لم يَلْزَمْه شئٌ، والرّاجِعان تَلْزَمُهما غَرامَةُ ما شَهِدَا به، فافْتَرَقا. الحالُ الثالثُ، أن يَرْجِعا بعدَ الاسْتِيفاءِ، فإنَّه لا يَبْطُلُ الحكمُ، ولا يَلْزَمُ المَشْهودَ له شئٌ، سَواءٌ كان المَشْهودُ به مالًا أو عُقوبةً؛ لأنَّ الحُكْمَ قد تَمَّ باسْتِيفاءِ المحْكومِ به، ووُصولِ الحق إلى مُسْتَحِقِّه، ويَرْجِعُ به على الشّاهِدَيْن. فإن كان المَشْهودُ به (١) إتْلافًا في مِثْلِه القِصاصُ، كالقتلِ والجَرْحِ، وقالا: عَمَدْنا الشَّهادةَ عليه بالزُّورِ؛ ليُقْتَلَ، أو: يُقْطَعَ. فعليهما القِصاصُ. وبه قال ابنُ أبى ليلَى، والأوْزاعِىُّ، والشافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا قَوَدَ عليهما؛ لأنَّهما لم يُباشِرَا الإتْلافَ، فأشْبَها حافِرَ البِئْرِ، إذا تَلِفَ به شئٌ. ولَنا، أنَّ عليًّا، رَضِىَ اللهُ عنه، شَهِدَ عندَه رَجلان على رجلٍ بالسَّرِقَةِ، فقطَعَه، ثم عادَا، فقالا: أخْطَأْنا، ليس هذا السَّارِقَ.