للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فقال علىٌّ، رَضِىَ اللهُ عنه: لو أعْلَمُ أنَّكما تَعَمَّدْتُما، لقَطَعْتُكما (١). ولا مُخالِفَ له في الصَّحابةِ، ولأنَّهما تَسَبَّبا إلى قَتْلِه وقَطْعِه، بما يُفْضِى إليه غالِبًا، فلَزِمَهما القِصاصُ، كالمُكْرَهِ، وفارَقَ الحَفْرَ، فإنَّه لا يُفْضِى إلى القَتْلِ غالبًا. وقد ذكَرْنا هذه المسألةَ في الجِناياتِ (٢). فإن قالا: عَمَدْنا الشَّهادةَ عليه، ولم نَعْلَمْ أنَّه يُقْتَلُ بهذا. وكانا ممَّن يجوزُ أن يَجْهَلا ذلك، وجَبَتِ الدِّيَةُ في أمْوالِهما مُغلَّظَةً؛ لأنَّه شِبْهُ عَمْدٍ، ولم تَحْمِلْه العاقِلَةُ؛ لأنَّه ثَبَتَ باعْتِرافِهما. وإن قال أحدُهما: عمَدْتُ قَتْلَه. وقال الآخَرُ: أخْطَأْتُ. فعلى العامِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةً، وعلى الآخَرِ نِصْفُها مُخَفَّفَةً. ولا قِصاصَ في الصَّحيحِ مِن المذهبِ. وإن قال كُلُّ واحدٍ منهما: [عَمَدْتُ وأخْطَأَ صاحِبى. احْتملَ وجُوبُ القِصاصِ عليهما به؛ لاعْتِرافِ كُلِّ واحدٍ منهما بعمدِ نفسِه. واحتمل أن لا يَجِبَ إلا الدِّيَةُ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما] (٣) إنَّما اعْتَرفَ بعَمْدٍ شارَكَ فيه مُخْطِئًا، وهو لا يُوجِبُ القِصاصَ، والإنْسانُ إنَّما يُؤاخَذُ بإقْرارِه، لا بإقْرارِ غيرِه. فعلى هذا، تَجِبُ عليهما دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ. وإن قال أحدُهما: عَمَدْنا جميعًا. وقال الآخَرُ: عَمَدْتُ وأخْطأَ صاحِبى. فعلى الأوَّلِ القِصاصُ، وفى الثّانى وَجْهان، كالتى قبلَها. وإن قالا: أخْطَأْنا. فعليهما الدِّيَةُ مُخَفَّفَةً في


(١) تقدم تخريجه في ٢٥/ ٣٢.
(٢) في ٢٥/ ٣١ - ٣٤.
(٣) سقط من: م.