أمْوالِهما؛ لأنَّ العاقِلَةَ لا تَحْمِلُ الاعْترافَ. وإن قال أحدُهما: عَمَدْنا معًا. وقال الآخَرُ: أخْطَأْنا معًا. فعلَى الأوَّلِ القِصاصُ، وعلى الثانى نِصْفُ الدِّيَةِ مُخَفَّفَةً؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يُؤاخَذُ بإقْرارِه. وإن قال كلُّ واحدٍ منهما: عَمَدْتُ، ولا أدْرِى ما فَعَلَ صاحِبِى. فعليهما القِصاصُ؛ لإِقْرارِ كلِّ واحدٍ منهما بالعَمْدِ. ويَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ عليهما القِصاصُ؛ لأنَّ إقْرارَ كلِّ واحدٍ منهما لو انْفَرَدَ، لم يجِبْ عليه قِصاصٌ، وإنَّما يُؤاخَذُ الإنْسانُ بإقرارِه، لا بإقْرارِ صاحِبِه. وإن قال أحدُهما: عَمَدْتُ، ولا أدْرِى ما قَصَدَ صاحِبى. سُئِلَ صاحِبُه، فإنْ قال مثلَ قَوْلِه، فهى كالتى قبلَها، وإنْ قال: عَمَدْنا معًا. فعليه القِصاصُ، وفى الأوَّلِ وَجْهانِ. وإنْ قال: أخْطَأْتُ. أو: أخْطَأْنا. فلا قِصاصَ على واحدٍ منهما. وإن جُهِلَ حالُ الآخَرِ؛ بجُنونٍ، أو مَوْتٍ، أو لم يُقدَرْ عليه، فلا قِصاصَ على المُقِرِّ، وعليه نَصِيبُه مِن الدِّيَةِ المُغَلَّظَةِ.
فصل: وإن رجَعَ أحدُ الشّاهِدَيْن وحدَه، فالحُكْمُ فيه كالحُكْمِ في رُجوعِهما، في أنَّ الحاكمَ لا يَحْكُمُ بشَهادتِهما، إذا كان رُجوعُه قبلَ الحُكْمِ، ولا تُسْتَوْفَى العُقوبَةُ إذا رجعَ قبلَ اسْتِيفائِها؛ لأنَّ الشَّرْطَ يَخْتَلُّ برُجوعِه، كاخْتِلالِه برُجوعِهما. وإن كان رُجوعُه بعدَ الاسْتِيفاءِ، لَزِمَه حُكْمُ إقْرارِه وحدَه، فإن أقَرَّ بما يُوجِبُ القِصاصَ، وجَبَ عليه، وإنْ أقَرَّ بما يُوجِبُ دِيَةً مُغَلَّظَةً، وجَبَ عليه قِسْطُه منها، وإنْ أَقَرَّ بالخطَأ، وجَبَ عليه قِسْطُه مِن الدِّيَةِ المُخَفَّفَةِ. وإن كان الشُّهودُ أكثرَ