للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

دابَّتِى (١). إذا صَرَفْتُها به عن وِجْهَتِها التى كانَتْ تَذْهَبُ إليها. وغيرُ الجِنْسِ المَذْكُورِ ليس بِدَاخِلٍ في الكَلامِ، فإذا ذَكَرَه، فما صَرَفَ الكَلَامَ عن صَوْبِه، ولا ثَنَاه عن وَجْهِ اسْتِرْسالِه، فلا يكونُ اسْتِثْناءً، وإنَّما يُسَمَّى اسْتِثْناءً تَجَوُّزًا، وإنَّما هو في الحَقِيقَةِ اسْتِدْراكٌ. وإلَّا ههُنا بمَعْنَى «لكن». هكذا قال أهْلُ العَرَبِيَّةِ؛ منهم ابنُ قُتَيْبةَ، وحَكَاه عن سِيبَوَيْهِ. والاسْتِدْراكُ لا يَأْتِى إلَّا بعدَ الجَحْدِ، ولذلك لم يَأْتِ الاستثناءُ في الكِتابِ العَزِيزِ مِن غيرِ الجِنْسِ إِلَّا بعدَ النَّفْى، ولا يأتِى بعدَ الإِثْباتِ إلَّا أن يُوجَدَ بعدَه (٢) جُملةٌ. إذا تَقَرَّرَ هذا فلا مدْخَلَ للاسْتِدْراكِ في الإِقْرارِ؛ لأنَّه إثْباتٌ للمُقَرِّ به، فإذا ذَكَر الاسْتِدْراكَ بعدَه كان باطِلًا، وإن [ذكَرَه بعدَ] (٣) جُمْلةٍ كأنَّه قال: له عِنْدِى مائةُ دِرْهمٍ إلَّا ثَوْبًا لِى عليه. فيكونُ مُقِرًّا لشئٍ مُدَّعِيًا لشئٍ سِواه، فيُقْبَلُ إقْرارُه، وتَبْطُلُ دَعْواه، كما لو صَرَّحَ بذلك بغيرِ لَفْظِ الاسْتِثْناءِ. وأمّا قولُه تعالى: {فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ}. فإنَّ إبْلِيسَ كان مِن الملائكةِ، بدَلِيلِ أنَّ اللَّهَ تعالى لم يَأْمُرْ بالسُّجُودِ غيرَهُم، فلو لم يَكُنْ منهم، لَما (٤) كان مَأْمُورًا بالسُّجُودِ، ولا عاصِيًا، بتَرْكِه، ولا قال اللَّهُ تعالى في حَقِّه: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ} (٥). ولا


(١) في الأصل: «ابنى».
(٢) في ق، م: «بعد».
(٣) في ق، م: «ذكر بعده».
(٤) في الأصل: «ما».
(٥) سورة الكهف ٥٠.