للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في قَمِيصِه، وقد أرادُوا خَلْعَه، فَنُودُوا، ألَّا تَخْلَعُوه، واسْتُرُوا نَبِيَّكم (١). ولَنا، أنَّ تَجْرِيدَ المَيِّتِ أمْكَنُ لتَغْسِيلِه وتَطْهِيرِه، والحَىُّ يَتَجَرَّدُ إذا اغْتَسَلَ، فكذلك المَيِّتُ، ولأنَّه إذا غُسِّلَ (٢) في ثَوْبِه يَنْجُسُ الثَّوْبُ بما يَخْرُجُ، وقد لا يَطْهُرُ بصَبِّ الماءِ عليه، فيَنْجُسَ المَيِّتُ به. فأمَّا النبىُّ - صلى الله عليه وسلم - فذلك خاصٌ له، ألا تَرَى أنَّهم قالُوا: نُجَرِّدُه كما نُجَرِّدُ مَوْتانا.

كذلك رَوَتْه عائشةُ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: رُوِىَ ذلك عنها مِن وجْهٍ صَحِيحٍ.

فالظاهِرُ أنَّ تَجْرِيدَ المَيِّتِ فيما عدا العَوْرَةَ كان مَشْهُورًا عندَهم، ولم يكنْ هذا ليَخْفَى عن النَّبِى - صلى الله عليه وسلم -، بل الظَّاهِرُ أنَّه كان بأمْرِه؛ لأنَّهم كانوا يَنْتَهُون إلى رَأْيِه، ويَصْدُرُون عن أمْرِه في الشَّرْعِيَّاتِ، واتِّباعُ أمْرِه وفِعْلِه أوْلَى مِن اتِّباعِ غيرِه. ولأنَّ ما يُخْشَى مِن تَنْجيسِ قَمِيصِه بما يَخْرُجُ منه كان مَأْمُونًا في حَقِّ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنَّه طاهِرٌ حَيًّا ومَيِّتًا، بخِلافِ غيرِه، وإنَّما

قال سعدٌ: الحَدُوا لى لَحْدًا، وانْصِبُوا علىَّ اللَّبِنَ نَصْبًا، كما صُنِع برسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه أبو داود، في: باب في ستر الميت عند غسله، من كتاب الجنائز. سنن أبى داود ٢/ ١٧٥.
والامام أَحْمد، في: المسند ٦/ ٢٦٧.
(٢) في م: «اغتسل».