للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«إنَّا قَدْ أخَذْنَا زَكَاةَ الْعَبَّاس عَامَ أوَّل لِلْعَامِ». وفى لَفْظٍ قال: «إنَّا كُنَّا تَعَجَّلْنَا صَدَقَةَ الْعَبَّاسِ لِعَامِنَا هَذَا عَامَ أوَّل» (١). رَواه سعيدٌ عن عَطاء، وابنِ أبى مُلَيْكَةَ، والحسنِ بنِ مسلمٍ، عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- مُرْسَلًا. ولأنَّ تَعْجِيلَ المالِ وُجِدَ سَبَبُ وُجُوبِه، فجاز، كتَعْجِيلِ قَضاءِ الدَّيْنِ قبلَ حُلُولِ أجَلِه، وأداءِ كَفّارَةِ اليَمِينِ بعدَ الحَلِفِ وقبلَ الحِنْثِ، وكَفّارَةِ القَتْلِ بعدَ الجَرْحِ قبلَ الزُّهُوقِ، وقد سَلَّمَ مالكٌ تَعْجِيلَ الكَفّارَةِ، وفارَقَ تَقْدِيمَها قبلَ النِّصابِ؛ لأنَّه تَقدِيمٌ لها على سَبَبِها، فأشْبَهَ تَقْدِيمَ الكَفّارَةِ على اليَمِينِ، وكَفّارَةِ القَتْلِ على الجَرْحِ، ولأنَّه قَدَّمَها على الشَّرْطَيْنِ، وههُنا قَدَّمَها على أحَدِهما. وقَوْلُهم: إنَّ للزكاةِ وقْتًا. قُلْنا: الوَقْتُ إذا دَخَل في الشئِ رِفْقًا بالإِنْسانِ، كان له أن يُعَجِّلَه ويَتْرُكَ الإِرْفاقَ بنَفْسِه، كالدَّيْنِ المُؤَجَّلِ، وكمَن أدَّى زكاةَ مالٍ غائِب، وإن لم يكنْ على يَقِينٍ مِن وُجُوبِها، ومِن الجائِزِ أن يكونَ المالُ تالِفًا في ذلك الوَقْتِ، وأمّا الصلاةُ والصيامُ فتَعَبُّد مَحْضٌ، والتَّوْقِيتُ فيها غيرُ مَعْقُولٍ، فيَجِبُ أن يُقْتَصَرَ عليه.

فصل: فأمّا تَعْجِيلُها قبلَ مِلْكِ النِّصابِ، فلا يَجُوزُ بغيرِ خِلافٍ


(١) انظر الدارقطنى والبيهقى في التخرج السابق، والأموال، لأبى عبيد ٥٩٠.