في ذلك سَواءٌ، وذَكَر بعضُ أصحابِنا في الشّارِبِ، والعَنْفَقَةِ، والحاجِبَين، وأهْدابِ العَينَين، ولِحْيَةِ المرأةِ إذا كانت كَثِيفَةً، وَجْهَين؛ أحدُهما، يَجِبُ غَسْلُ باطِنِها؛ لأنها لا تَسْتُرُ عادَةً، وإن وُجِدَ ذلك فهو نادِرٌ، يَنْبَغِي أن لا يَتَعَلَّقَ به حُكْمٌ، وهو مذهبُ الشافعيِّ. والثاني، لا يَجِبُ، قِياسًا على لِحْيَةِ الرجلِ، ودَعْوَى النُّدْرَةِ في غيرِ الأهْداب مَمْنُوعٌ. واللهُ أعلمُ.
فصل: ولا يَجبُ غَسْلُ داخِلِ العَينَين، لا يُسَتَحَبُّ في وُضُوءٍ، ولا غُسْل؛ لأنَّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يَفْعَلْه. ولا أَمَر به، وفيه ضَرَرٌ. وذَكَر القاضي في «المُجَرَّدِ» في وُجُوبِه، رِوايَتَين عن بعضِ الأصحابِ. قال ابنُ عَقِيل: إنَّما الرِّوايتان في وُجُوبِه في الغُسْلِ؛ فأمَّا في الوُضوءِ فلا يَجِبُ، رِوايَةً واحدة، وذَكَر أنَّ أحمدَ نَصَّ على اسْتحْبابِه في الغُسْلِ؛ لأنَّه يَعُمُّ جميعَ البَدَنِ، ويجبُ فيه غَسْلُ ما تحتَ الشُّعُورِ الكثِيفَةِ. وذَكَره القاضي وأبو الخَطّاب مِن سُنَنِ الوُضوءِ؛ لأنَّه رُوِيَ عن ابنِ عُمَرَ، أنَّه عَمِيَ مِن كَثْرَةِ إدخالِ الماءِ في عَينَيه. ولأنَّهما مِن جُمْلَةِ الوَجْهِ. والأوَّلُ أوْلَى، وهو اختيارُ شيخِنا (١)، وما ذُكِرَ عن ابنِ عُمَرَ فهو دَلِيلٌ على كراهتِه؛ لكَوْنِه ذَهَب ببَصَرِه، وفَعَل ما يُخافُ مِنه ذَهابُ البَصَر، إذ لم يَردْ به الشَّرْعُ ولم يَكُنْ مُحَرَّمًا، فلا أقَلَّ مِن الكَراهَةِ. واللهُ أعلمُ.