صيامُ ذلك اليَوْمِ؛ لأنَّ النِّيَّةَ قَصْدٌ يَتْبَعُ العِلْمَ، وما لا يَعْلَمُه ولا دَلِيلَ على وُجُودِه، لا يَصحُّ قَصْدُه. وبهذا قال حَمّادٌ، ورَبِيعَةُ، ومالكٌ، وابنُ أبي لَيْلَى، والحسنُ بنُ صالِحٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال الثَّوْرِىُّ، والأوْزاعِىُّ: يَصحُّ إذا نَواه مِن اللَّيْلِ، كاليومِ الثانى. وعن الشافعىِّ كالمَذْهَبَيْن. ولَنا، أنَّه لم يَجْزِمِ النِّيَّةَ بصَوْمِه مِن رمضانَ، فلم يَصحَّ، كما لو لم يَعْلَمْ إلَّا بعدَ خُرُوجِه. وكذلك إن بَنَى على قولِ المُنَجِّمِين وأهلِ الحِسابِ، فوافَقَ الصَّوابَ، لم يَصحَّ صومُه، وإن كَثُرَتْ إصابَتُهم؛ لأنَّه ليس بدَلِيلٍ شَرْعِىٍّ يَجُوزُ البِناءُ عليه، ولا العَمَلُ به، فكان وُجُودُه كعَدَمِه، قال النبىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ، وَأفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ». وفى رِوايَةٍ:«لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ»(١). فأمّا لَيْلَةُ الثَّلاِثِين مِن رمضانَ، فتَصِحُّ نِيَّتُه، وإنِ احْتَمَلَ أن يَكُونَ مِن شَوّالٍ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقاءُ رمضانَ، ولِما ذَكَرْنا مِن الحديثِ. فإن قال: إن كان غَدًا مِن رمضانَ فأنا صائِمٌ، وإن كان مِن شَوّالٍ فأنا مُفْطِرٌ. فقال ابنُ عَقِيلٍ: لا يَصحُّ صومُه؛ لأنَّه لم يَجْزِمْ بنَيَّةِ الصومِ، والنِّيَّةُ اعْتِقادٌ جازِمٌ. ويَحْتَمِلُ أن يَصحَّ؛ لأنَّ هذا شَرْطٌ واقِعٌ، والأصْلُ بَقاءُ رمضانَ.