للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

غدًا مِن رمضانَ، أو مِن قَضائِه، أو مِن كفّارتِه، أو نَذْرِه. نَصَّ عليه في رِوايةِ الأثْرَم، فإنَّه قال: يا أبا عبدِ اللهِ، أسِيرٌ صام في أرضِ الرُّومِ شَهْرَ رمضانَ، ولا يَعْلَمُ أنَّه رمضانُ، فنَوَى التَّطَوُّعَ؟ قال: لا يُجْزِئُه إِلَّا بعَزِيمَةِ أنَّه مِن رمضانَ. وبهذا قال مالكٌ، والشافعىُّ. وعن أحمدَ، رِوايَةٌ أُخْرَى، أَنَّه لا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لرمضانَ. قال المَرُّوذِىُّ: رُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه قال: يَكُونُ يَوْمُ الشَّكِّ يومَ غَيْمٍ، إذا أجْمَعْنا على أنَّنا نُصْبِحُ صِيامًا، يُجْزِئُنا مِن رمضانَ، وإن لم نَعْتَقِدْ أنَّه مِن رمضانَ؟ قال: نعم. فقُلْتُ: فقولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ» (١). أليَس يُرِيدُ أن يَنْوِىَ أنَّه مِن رمضانَ؟ قال: لا، إذا نَوَى مِن اللَّيْلِ أنَّه صائِمٌ أجْزَأه. وحَكَى أبو حَفْصٍ العُكْبَرِىُّ، عن بعضِ أصحابِنا أنَّه قال: ولو نَوَى أن يَصُومَ تَطَوُّعًا لَيْلَةَ الثَّلاِثِينْ مِن رمضانَ، فوافَقَ رمضانَ، أجْزَأه. قال القاضى: وَجَدْتُ هذا الكَلامَ اخْتِيارًا لأبِى القاسِمِ، ذَكَرَه في شَرْحِه. وقال أبو حَفْصٍ: لا يُجْزِئُه، إلَّا أن يَعْتَقِدَ مِن اللَّيْلِ بلا شَكٍّ وِلا تَلَوُّمٍ (٢). فعلى القولِ الثانِى، لو نَوَى في رمضانَ الصومَ مُطْلَقًا، أو نوَى نَفْلًا، وَقَع عن رمضانَ، وصَحَّ صَوْمُه. وهذا قولُ أبي حنيفةَ إذا كان مُقِيمًا؛ لأنَّه فَرْضٌ مُسْتَحَقٌّ في زَمَنٍ بعَيْنِه، فلا يَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ له، كطَوافِ الزِّيارَةِ. ولنا، أنَّه صومٌ واجِبٌ، فوَجَبَ


(١) تقدم تخريجه في ١/ ٣٠٨.
(٢) في الأصل: «يلزم». والتلوم: التمكُّث.