للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ عن أحمدَ في جَوازِ التَّطَوُّعِ بالصومِ مِمَّن عليه صومُ فَرْضٍ؛ فنَقَلَ عنه حَنْبَلٌ، أنَّه لا يَجُوزُ، بل يَبْدَأُ بالفَرْضِ حتى يَقْضِيَه؛ إن كان عليه نَذْرٌ صامَه، يَعْنِى بعد الفَرْضِ. وروَى حَنْبَلٌ، [عن أحمدَ] (١)، بإسْنادِه، عن أبى هُرَيْرَةَ، أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا، وعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَىْءٌ لَمْ يَقْضِهِ، فَإنَّهُ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُ حَتَّى يَصُومَهُ». ولأنَّه عِبادَةٌ يَدْخُلُ في جُبْرانِها المالُ، فلم يَصِحَّ التَّطَوُّعُ قبلَ أَداءِ فَرْضِها، كالحَجِّ. ورُوِىَ عنه، أنَّه يَجُوزُ له التَّطَوُّعُ؛ لأنَّها عِبادَةٌ تَتَعَلَّقُ بوَقْتٍ مُوَسَّعٍ، فجاز التَّطَوُّعُ في وَقْتِها قبلَ فِعْلِها، كالصلاةِ يُتَطَوَّعُ في وَقْتِها قبلَ فِعْلِها، وعليه يُخَرَّجُ الحَجُّ. ولأنَّ التَّطَوُّعَ بالحَجِّ يَمْنَعُ فِعْلَ واجِبِه المُتَعَيَّنِ، فأشْبَهَ صومَ التَّطَوُّعِ في رمضانَ، على أنَّ لنا في الحَجِّ مَنْعًا. والحَدِيثُ يَرْوِيه ابنُ لَهيعَةَ، وهو ضَعِيفٌ، وفى سِياقِه ما هو مَتْرُوكٌ، فإنَّه قال في آخِرِه: «وَمَنْ أدْرَكَهُ رَمَضَانُ، وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَىْءٌ، لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ». ويُخَرَّجُ في التَّطَوُّعِ بالصلاةِ في حَقِّ مَن عليه القَضاءُ مثلُ ما ذَكَرْنا في الصومِ، بل عَدَمُ الصِّحَّةِ في الصلاةِ أوْلَى؛ لأنَّها تَجِبُ على الفَوْرِ، بخِلافِ الصومَ.


(١) زيادة من المغنى ٤/ ٤٠٢. والحديث في المسند ٢/ ٣٥٢.