للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في كَراهِيَةِ القَضاءِ في عَشْرِ ذى الحِجَّةِ، فرُوِىَ أنَّه لا يُكْرَهُ. وهو قولُ سعيدِ بنِ المُسَيَّبِ، والشافعىِّ، وإسحاقَ؛ لِما رُوِىَ عن عُمَرَ بنِ الخَطّابِ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه كان يَسْتَحِبُّ قَضاءَ رمضانَ في العَشْرِ، ولأنَّه أيَّامُ عِبادَةٍ، فلم يُكْرَهِ القَضاءُ فيه، كعَشْرِ المُحَرَّم. والثانيةُ، يُكْرَهُ. رُوِىَ ذلك عن الحَسَنِ، والزُّهْرِىِّ؛ لأنَّه يُرْوَى عَن علىٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه كَرِهَه. ولأنَّ النبىَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا مِنْ أيَامٍ العَمَلُ الصّالِحُ فِيهَا أحَبُّ إلَى اللهِ سُبْحَانَهُ مِنْ هَذِهِ الْأيَّامِ». يَعْنِى أيّامَ العَشْرِ. قالُوا: يا رسولَ اللهِ، ولا الجِهادُ في سَبِيلِ اللهِ؟ قال: «ولا الجِهَادُ في سَبِيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلاً خَرَجَ بِنَفْسِهِ ومَالِهِ، فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَىْءٍ» (١). فاسْتُحِبَّ إخْلاؤُها للتَّطَوُّعِ لينالَ (٢) فَضِيلَتَها، ويَجْعَلُ القَضاءَ في غيرِها. وقالْ بعضُ أصحابِنا: هاتان الرِّوايَتان مَبْنِيَّتان على الرِّوايَتَيْن في إباحَةِ التَّطَوُّعِ قبلَ صومِ الفَرْضِ وتَحْرِيمِه، فمنَ أباحَه كَرِه القَضاءَ فيها؛ لتَوْفِيرِها على التَّطَوُّعِ لينالَ (٢) فَضْلَه فيها مع فَضْلِ القَضاءِ،


(١) تقدم تخريجه في ١/ ٥١٥.
(٢) في الأصل: «لبيان».