فصل: وسائِرُ النَّوافِلِ مِن الأعْمالِ حُكْمُها حُكْمُ الصِّيامِ، في أنَّها لا تَلْزَمُ بالشُّرُوعِ، ولا يَجِبُ قَضاؤُها إذا أَفْسَدَها، إلَّا الحَجَّ والعُمْرَةَ، فإنَّهُما يُخالِفان سائِرَ العِباداتِ في هذا؛ لتَأكُّدِ إحْرامِهما، ولا يَخْرُجُ منهما بإفْسادِهِما، ولو اعْتَقَدَ أنَّهُما واجِبان، ولم يَكُونا واجِبَيْن، لم يَكُنْ له الخُرُوجُ منهما. وقد رُوِىَ عن أحمدَ في الصلاةِ ما يَدُلُّ على أنَّها تَلْزَمُ بالشُّروعِ. قال الأثْرَمُ: قُلْتُ لأبِى عبدِ اللهِ: الرَّجُلُ يُصْبِحُ صائِمًا مُتَطَوِّعًا، أَيَكُونُ بالخيارِ؟ والرجلُ يَدْخُلُ في الصلاةِ أله أن يَقْطَعَها؟ قال: الصلاةُ أشَدُّ، أمَّا الصلاةُ فلا يَقْطَعُها. قِيلَ له: فإن قَطَعَها قَضاها؟ قال: إن قَضَاهَا فليس فيه اخْتِلافٌ. ومالَ أبو إسحاقَ الجُوزْجانِيُّ إلى هذا القولِ، وقال: الصلاةُ ذاتُ إِحْرامٍ وإحْلالٍ، فلَزِمَتْ بالشُّرُوعِ فيها، كالحَجِّ. وأكثرُ أصحابِنا على أنَّها لا تَلْزَمُ أيْضًا. وهو قولُ ابنِ عباسٍ؛ لأنَّ ما جاز تَرْكُ جَمِيعِه جاز تَرْكُ بعضِه، كالصَّدَقَةِ. والحَجُّ والعُمْرَةُ يُخالِفان غيرَهما بما ذَكَرْنا.
فصل: فإن دَخَل في صومٍ واجِبٍ؛ كقَضاءِ رمضانَ، أو نَذْرٍ