للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى قال: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} (١). ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَتَّبَ، وقال: «خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ» (٢). والحديثُ المُطْلَقُ قد جاء مُقَيَّدًا، فيُحْمَلُ المُطْلَقُ على المُقَيَّدِ. قال الأثْرَمُ: سَمِعْتُ أبا عبدِ اللَّهِ يُسْألُ عن رجلٍ حَلَق قبلَ أن يَذْبَحَ؟ فقال: إن كان جاهِلًا، فليس عليه دَمٌ، فأمَّا مع التَّعَمُّدِ فلا؛ لأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَألَه رجلٌ، فقال: لم أشْعُرْ. قِيلَ لأبى عبدِ اللَّهِ: سُفْيانُ بنُ عُيَيْنَةَ لا يقولُ: لم أشْعُرْ. فقالَ: نَعَمْ، ولكنَّ مالكًا والناسَ عن الزُّهْرِىِّ (٣): لم أشْعُرْ. وهو في الحَدِيثِ. وقال مالكٌ: إن قَدَّمَ الحَلْقَ على الرَّمْى، فعليه دَمٌ، وإن قَدَّمَه على النَّحْرِ، أو النَّحْرَ على الرَّمْى، فلا شَئَ عليه؛ لأنَّه بالإجْماعِ مَمْنُوعٌ مِن حَلْقِ شَعَرِه قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ، ولا يَحْصُلُ إلَّا برَمْى الجَمْرَةِ، فأمَّا النَّحْرُ قبلَ الرَّمْى، فجائِزٌ؛ لأنَّ الهَدْىَ قد بَلَغَ مَحِلَّه. ولَنا الحَدِيثُ، فإنَّه لم يُفَرِّقْ بَيْنَهما، فإنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قيلَ له: في الحَلْقِ، والنَّحْرِ، والتَّقْدِيمِ، والتَّأْخِيرِ. فقال: «لَا حَرَجَ». ولا نَعْلَمُ خِلافًا بينَهم في أنَّ مُخالَفَةَ التَّرْتِيبِ لا تُخْرِجُ هذه الأفْعالَ عن الإِجْزاءِ، ولا تَمْنَعُ وُقُوعَها


(١) سورة البقرة ١٩٦.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٨٧.
(٣) أى: يقولون.