للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمَرْوَةِ، ثم يَطُوفَ طَوافَ الزِّيارَةِ؛ لأنَّ المُتَمَتِّعَ لم يَأْتِ به قبلَ ذلك، فإنَّ الطَّوافَ الذى طافَه في الأوَّلِ كان طَوافَ العُمْرَةِ. وقد نَصَّ أحمدُ، رَحِمَه اللَّه، على ذلك في رِوايَةِ الأثْرَمِ. قال: قُلْتُ لأبى عبدِ اللَّهِ: فإذَا رَجَع -يَعْنِى المُتَمَتِّعَ- كم يَطُوفُ ويَسْعَى؟ قال: يَطُوفُ ويَسْعَى لحَجِّه، ويَطُوفُ طَوافًا آخَرَ للزِّيارَةِ. عاوَدْناه في هذا غيرَ مَرَّةٍ، فثَبَتَ عليه. وكذلك الحُكْمُ في القارِنِ والمُفْرِدِ، إذا لم يَكُونَا أتَيَا مَكَّةَ قبلَ يومِ النَّحْرِ، ولا طافا طَوافَ القُدُومِ، فإنَّهُما يَبْدآن بطَوافِ القُدُومِ قبلَ طَوافِ الزِّيارَةِ. نَصَّ عليه أحمدُ أيضًا. واحْتَجَّ بما رَوَتْ عائشةُ، رَضىَ اللَّه عنها، قالت: فطافَ الذين أهَلُّوا بالعُمْرَةِ، وبَيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، ثم حَلُّوا، ثم طافُوا طَوافًا آخَرَ بعدَ أن رَجَعُوا مِن مِنًى لحَجِّهم، وأمَّا الذين جَمَعُوا الحَجَّ والعُمْرَةَ فإنَّما طافُوا طَوافًا واحِدًا (١). فحَمَلَ أحمدُ، رَضِىَ اللَّه عنه، قولَ عائشةَ على أنَّ طَوافَهم لحَجِّهم هو طَوافُ القُدُومِ، ولأنَّه قد ثَبَت أنَّ طَوافَ القُدُومِ مَشْرُوعٌ، فلم يَكُنْ طَوافُ الزِّيارَةِ مُسْقِطًا له، كتَحِيَّةِ المَسْجِدِ عندَ دُخُولِه قبلَ التَّلبُّسِ بصلاةِ الفَرْضِ. قال شيخُنا (٢)، رَحِمَه اللَّه: ولم أعْلَمْ أحَدًا وَافَقَ أبا عبدِ اللَّهِ على هذا الطَّوافِ الذى ذَكَرَه الخِرَقِىُّ، بل المَشْرُوعُ طَوافٌ واحِدٌ للزِّيارَةِ، كمَن دَخَل المَسْجِدَ، وأُقِيمَتِ الصلاةُ، فإنَّه يَكْتَفِى بها مِن تَحِيَّةِ المَسْجِدِ. ولأنَّه لم يُنْقَلْ عن النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-،


(١) تقدم تخريجه في صفحة ١٣٨.
(٢) في: المغنى ٥/ ٣١٥.