للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ.

ــ

بالطَّوافِ، إذا فَرَغ مِن جَمِيعِ أُمُورِه) وجُمْلَةُ ذلك، أنَّ مَن أتَى مَكَّةَ فلا يَخْلُو؛ إمَّا أن يُرِيدَ الإِقامَةَ بها، أو الخُرُوجَ منها، فإن أقامَ بها فلا وَداعَ عليه؛ لأنَّ الوَداعَ مِن المُفارِقِ، وسَواءٌ نَوَى الإِقامَةَ قبلَ النَّفْرِ أو بعدَه. وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن نَوَى الإِقامَةَ بعدَ أن حَلَّ له النَّفْرُ، لم يَسْقُطْ عنه الطَّوافُ. ولَنا، أنَّه غيرُ مُفارِقٍ، فلا يَلْزَمُه وَداعٌ، كمَنِ نَواها قبلَ حِلِّ النَّفْرِ، وإنَّما قال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لَا يَنْفِرَنَّ أحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالبَيْتِ» (١). وهذا ليس بنافِرٍ. فأمَّا الخارِجُ مِن مَكَّةَ، فليس له الخُرُوجُ حتى يُوَدِّعَ البَيْتَ بطَوافِ سَبْعٍ، وهو واجِبٌ يَجِبُ بتَرْكِه دَمٌ. وبه قال الحسنُ، والحَكَمُ، وحَمّادٌ، والثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ. وقال الشافعىُّ في قولٍ: لا يَجِبُ بتَرْكِه شئٌ؛ لأنَّه يَسْقُطُ عن الحائِضِ، فلم يَكُنْ واجِبًا، كطَوافِ القُدُومِ. ولَنا، ما روَى ابنُ عباسٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: أُمِرَ النّاسُ أن يكونَ آخِرُ عَهْدِهم بالبَيْتِ، إلَّا أنَّه خُفِّفَ عن المَرْأةِ الحائِضِ. مُتَّفَقٌ عليه (٢). ولمسلمٍ، قال: كان النّاسُ


(١) أخرجه مسلم، في: باب وجوب طواف الوداع وسقوطه عن الحائض، من كتاب الحج. صحيح مسلم ٢/ ٩٦٣. وأبو داود، في: باب الوداع، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤٦٢. وابن ماجه، في: باب طواف الوداع، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٢٠. والدارمى، في: باب في طواف الوداع، من كتاب المناسك. سنن الدارمى ٢/ ٧٢. والإمام أحمد، في: المسند ١/ ٢٢٢.
(٢) أخرجه البخارى، في: باب طواف الوداع، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢٢٠. ومسلم، في الموضع السابق.