للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَنْصَرِفُونَ كلَّ وَجْهٍ، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: «لَا يَنْفِرَنَّ أحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالبَيْتِ». وسُقُوطُه عن المَعْذُورِ لا يُوجِبُ سُقُوطَه عن غيرِه، كالصلاةِ تَسْقُطُ عن الحائِضِ، وتَجِبُ على غيرِها، بل تَخْصِيصُ الحائِضِ بإسْقاطِه عنها دَلِيلٌ على وُجُوبِه على غيرِها، إذ لو كان ساقِطًا عن الكلِّ، لم يَكُنْ لتَخْصِيصِها بذلك مَعْنًى. إذا ثَبَت وُجُوبُه، فإنَّه ليس برُكْنٍ، بغيرِ خِلافٍ، ويُسَمَّى طَوافَ الوَداعِ؛ لأنَّه لتَوْدِيعِ البَيْتِ، وطَوافَ الصَّدَرِ؛ لأنَّه عندَ صُدُورِ النّاسِ مِن مَكَّةَ. ووَقْتُه بعدَ فَراغِ الحاجِّ مِن جَمِيعِ أمْرِه؛ ليَكُونَ آخِرُ عَهْدِه بالبَيْتِ، كما جَرَتِ العادَةُ في تَوْدِيعِ المُسافِرِ أهْلَه وإخْوانَه، ولذلك قال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِه بِالبَيْتِ».

فصل (١): ولا وَداعَ على مَن مَنْزِله بالحَرَمِ؛ لأنَّه كالمَكِّىِّ، فإن كان مَنْزِلُه خارِجَ الحَرَمِ قَرِيبًا منه، فعليه الوَداعُ. وهو ظاهِرُ كَلام الخِرَقِىِّ. وهذا قولُ أبى ثَوْرٍ. وقال أصحابُ الرَّأْى في أهلَ بُسْتانِ ابنِ عامِرٍ (٢)، وأهلِ المَواقِيتِ: إنَّهم بمَنْزِلةِ أهلِ مَكَّةَ في طَوافِ الوَداعِ؛ لأنَّهم مَعْدُودُون مِن حاضِرِى المَسْجِدِ الحَرامِ، بدَلِيلِ سُقُوطِ دَمِ المُتْعَةِ عنهم. ولَنا، عُمُومُ قولِه عليه السلامُ: «لَا يَنْفِرَنَّ أحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ


(١) هذا الفصل غر موجود: في النسخة المطبوعة.
(٢) هو بستان ابن معمر، وهذه تسمية العامة له، وهو مجتمع النخلتين النخلة اليمانية والنخلة الشامية. وقيل: بستان ابن معمر غير بستان ابن عامر، الأول هو الذى يعرف ببطن نخلة، والثانى موضع آخر قريب من الجحفة. معجم البلدان ١/ ٦١٠.