النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (إلَّا أنَّ المَرْأةَ إذا كانت حائِضًا) أو نُفَساءَ (لم تَدْخُلِ المَسْجِدَ، ووَقَفتْ على بابِه فدَعَتْ بذلك).
فصل: قال أحمدُ: إذا وَدَّعَ البَيْتَ، يقومُ عندَ البابِ إذا خَرَج ويَدْعُو، فإذا تَلَا لا يَقِفُ ولا يَلْتَفِتُ، فإنِ الْتَفَتَ رَجَع ووَدَّعَ. وروَى حَنْبَلٌ في «المَناسِكِ» عن المُهاجِرِ (١)، قال: قُلْتُ لجابِرٍ بنِ عبدِ اللَّهِ: الرجلُ يَطُوفُ بالبَيْتِ ويُصَلِّى، فإذا انْصَرَفَ خَرَج، ثم اسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، فقامَ؟ فقالَ: ما كُنْتُ أحْسَبُ يَصْنَعُ هذا إلَّا اليَهُودُ والنَّصَارَى. قال أبو عبدِ اللَّهِ: أكْرَهُ ذلك. وقولُ أبى عبدِ اللَّهِ: إنِ الْتَفَتَ رَجَع فوَدَّعَ. على سَبِيلِ الاسْتِحْسانِ، إذْ لا نَعْلَمُ لإِيجابِ ذلك عليه دَلِيلًا. وقد قال مُجَاهِدٌ: هذا إذا كِدْتَ تَخْرُجُ مِن بابِ المَسْجِدِ فالْتَفِتْ، ثم انْظُرْ إلى الكَعْبَةِ، ثم قُلْ: اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْه آخِرَ العَهْدِ.
فصل: فإن خَرَج قبلَ طَوافِ الزِّيارَةِ، رَجَع حَرامًا حتى يَطُوفَ بالبَيْتِ؛ لأنَّه رُكْن لا يَتِمُّ الحَجُّ إلَّا به، ولا يَحِل مِن إحْرامِه حتى يَفْعَلَه، فمتَى لم يَفْعَلْه، لم يَنْفَكَّ إحْرامُه، ورَجَع متى أمْكَنَه مُحْرِمًا، لا يُجْزِئُه غيرُ ذلك. وبذلك قال عَطاءٌ، والثَّوْرِىُّ، ومالكٌ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأصحابُ الرَّأْى، وابنُ المُنْذِرِ. وقال الحسنُ:
(١) هو المهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن المخزومى. انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٢٢.