للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خنادِقِهم، وحميعِ مصالِحهم، ويُؤَمِّرَ في كلِّ ناحِيَةٍ أمِيرًا، يُقَلِّدُهُم أمْرَ الحَرْبِ، وتدبيرَ الجِهادِ، ويَكُونُ ممَّن له رَأىٌ وعَقْلٌ ونَجْدَةٌ وبَصَرٌ بالحَرْبِ ومُكايَدَةِ العَدُوِّ، مع أمانَةٍ ورِفْقٍ بالمُسْلِمين ونُصْحٍ لهم، وإنما يَبْدأُ بذلك؛ لأنَّه لا يأْمَنُ عليها مِن المُشْرِكين. ويَغْزُو (١) كلُّ قَوْمٍ مَن يَليهم، إلَّا أن يكونَ في بعضِ الجِهاتِ مَن لا يَكْفِيه مَن يَليه، فيَنْجُدَهم بقَوْمٍ آخَرِينَ، ويَكُونُون معهم، ويُوصِى مَن يُؤَمِّرُه أن لا يَحْمِلَ المُسْلِمين على مَهْلَكَةٍ، ولا يَأْمُرَهم بدُخُولِ مَطْمُورَةٍ يُخافُ أن يُقْتَلُوا تحتَها، فإن فَعَل ذلك، فقد أساءَ، ويَسْتَغْفِرُ اللَّهَ تعالى، ولا عَقْلٌ عليه ولا كَفّارَةٌ إذا أُصِيبَ واحِدٌ منهم بطاعَتِه (٢)؛ لأنَّه فَعَل ذلك باخْتِيارِه.

فإن عُدِمَ الإِمامُ، لم يُؤَخَّرِ الجِهادُ؛ لأنَّ مصلحتَهُ تَفُوتُ بتَأْخِيرِه. وإن حصَلَتْ غَنِيمَةٌ، قَسَمُوها على مُوجَبِ الشَّرْعِ. قال القاضى: وتُؤَخَّرُ قِسْمَةُ الإِماءِ حتى يَقُومَ إمَامٌ؛ احْتِياطًا للفُروجِ. فإن بَعَثَ الإِمامُ جَيْشًا، وأمَّرَ عليهم أمِيرًا، فقُتِلَ أو ماتَ، فللجَيْش أن يُؤَمِّرُوا أحَدَهم، كما فَعَل أصحابُ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في جَيْشِ مُؤْتَةَ: لَمّا قُتِلَ أُمَراؤهم، أمَّرُوا عليهم خالِدَ بنَ الوليدِ، فبَلَغ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فرَضِىَ أمْرَهُم، وصَوَّبَ رَأيَهم، وسَمَّى خالِدًا يومئذٍ: «سَيْفَ اللَّهِ» (٣).


(١) في الأصل: «يغزى».
(٢) أى بسبب طاعته.
(٣) أخرجه البخارى، في: باب مناقب خالد بن الوليد، من كتاب فضائل الصحابة، وفى: باب غزوة مؤتة من أرض الشام، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٥/ ٣٤، ١٨٢. والترمذى، في: باب مناقب لخالد =