أحمدَ مَحْمُولٌ على أنَّ غيرَ أهلِ الثَّغْرِ لا يُسْتَحَبُّ لهم الانْتِقالُ بأهْلِهم إلى ثَغْرٍ مَخُوفٍ، فأمَّا أهْلُ الثَّغْرِ، فلا بُدَّ لهم مِن السُّكْنَى بأهْلِهم، لولا ذلك لخَرِبَتِ الثُّغُورُ وتَعَطَّلَتْ. وخَصَّ الثَّغْرَ المَخُوفَ بالكَراهَةِ؛ لأنَّ الخَوْفَ عليها أكْثَرُ، ولأنَّ الغالبَ مِن غيرِ المَخُوفَةِ سَلامَتُها وسَلامةُ أهْلِها.
فصل: ويُسْتَحَبُّ لأهْلِ الثَّغْرِ أن يجْتَمِعُوا في مَسْجِدٍ واحدٍ، بحيثُ إذا حَضَر النَّفِيرُ صادَفَهم مُجْتَمِعِين، فيبْلُغُ الخبرُ جميعَهم، ويراهُم عينُ الكُفَّارِ، فيَعلمُ كثْرَتَهم، فيُخَوِّفُ بهم؛ لأنَّهم إذا كانوا مُتَفَرِّقِينَ رأى الجاسُوسُ قِلَّتَهم. ورُوِىَ عن الأوْزَاعِىِّ، أنَّه قال في المساجِدِ التى بالثَّغْرِ: لو أنَّ لى عليها ولايةً لَسَمَّرْتُ أبوابَها، حتى تكونَ صَلاتُهم في مَسْجدٍ واحدٍ، حتى إذا جاءَ النَّفِير وهم مُتَفَرِّقُون، لم يَكُونوا مثلَهم إذا كانوا في موْضِعٍ واحدٍ.