فإن قُلْنا بجوازِها، جازَ اسْتِرْقاقُهم، وإلَّا فلا. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ في العَجَمِ دُونَ العَرَبِ. بِناءً على قولِه في أخْذِ الجِزْيَةِ منهم. ولَنا، أنَّه كافِرٌ لا يُقَرُّ بالجِزْيَةِ، فلم يَجُزِ اسْتِرْقاقُه، كالمُرْتَدِّ، والدَّليلُ على أنَّه لا يُقَرُّ بالجِزْيَةِ يُذْكَرُ في بابِ عَقْدِ الذِّمَّةِ، إن شاء اللَّه تعالى.
فصل: وبما ذَكَرْنا في أهْلِ الكتابِ قال الأوْزَاعِىُّ، والشافعىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وعن مالِكٍ كمَذْهَبِنا. وعنه، لا يجوزُ المَنُّ بغيرِ عِوَضٍ؛
لأنَّه لا مَصْلَحَةَ فيه، وإنَّما يجوزُ للإِمامِ فِعْلُ ما فيه المَصْلَحَةُ. وحُكِىَ عن الحَسنِ، وعَطَاءٍ، وسعيدِ بن جُبَيْرِ، كرَاهِيَةُ قَتْلِ الأسْرَى، وقالوا: لو مَنَّ عليه أو فاداه كما صُنِعَ بأُسارَى بَدْرٍ. ولأنَّ اللَّهَ تعالى قال:{فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً}(١). فخَيَّرَه بعدَ الأسْرٍ بَينَ هَذَيْن لا غيرُ. وقال أصحابُ الرَّأْى: إن شاءَ قَتَلَهم، وإن شاءَ اسْتَرَقَّهم،