السُّدْسِ. فهذا يدُلُّ على أنَّه ليس للنَّفَلِ حَدٌّ لا يتجاوزُه الإِمامُ، فيَنْبَغِى أن يَكُونَ مَوْكُولًا إلى اجْتِهادِه. ولَنا، أنَ نَفَلَ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- انْتَهى إلى الثُّلُثِ، فيَنْبَغِى أن لا يتَجاوزَه، وما ذَكَرَه الشافعىُّ يَدُلُّ على أنَّه ليس لأقَلِّ النَّفَلِ حَدٌّ، وأنَّه يجوزُ أنْ يُنَفِّلَ أقَلَّ مِن الثُّلُثِ والرُّبْعِ، ونحن نقولُ به، على أن هذا القولَ مع قوْلِه: إنَّ النَّفَلَ مِن خُمْسِ الخُمْسِ. تناقُضٌ. فإن شَرَطَ لهم الإِمامُ زِيادَةً على الثُّلُثِ، رُدُّوا إليه. وقال الأوْزَاعِىُّ: لا يَنْبَغِى أن يَشْتَرِطَ النِّصْفَ، فإن زادَهم على ذلك، فلْيَفِ لهم به، ويَجْعَلْ ذلك مِن الخُمْسِ. وإنَّما زِيدَ في الرَّجْعَةِ على البَدْأةِ في النَّفَلِ؛ لمَشَقَّتِها، فإنَّ الجَيْشَ في البَدْأةِ رِدْءٌ للسَّرِيَّةِ، تابعٌ لها، والعَدُوُّ خائِفٌ، ورُبَّما كان غارًّا، وفى الرَّجْعَةِ لا رِدْءَ للسَّرِيَّةِ؛ لأنَّ الجَيْشَ مُنْصَرِفٌ عنهم، والعَدُوَّ مُسْتَيْقِظٌ كَلِبٌ. قال أحمدُ: في البَدْأةِ إذا كان ذاهِبًا الرُّبْعُ، وفى القَفْلَةِ إذا كان في الرُّجُوعِ الثُّلُثُ؛ لأنَّهم يشْتاقُون إلى أهليهم، فهذا أكثرُ.
القسمُ الثَّانِى، أن يُنَفِّلَ الإِمامُ بعضَ الجَيْشِ؛ لغَنائِه وبَأْسِه وبَلائِه، أو لمَكْروهٍ تحمَّلَه دُونَ سائِرِ الجَيْشِ. قال أحمدُ، في الرجلِ يأمرُه الأمِيرُ يَكُونُ طَليعةً، أو عندَه، يدفعُ إليه رأسًا مِن السَّبْى أو دابَّةً، قال: إذا كان رجلٌ له غَناءٌ، أو يُقاتِلُ، فلا بَأْسَ، ذلك أنْفَعُ لهم، يُحَرَّضُ هو وغيرُه، ويُقاتِلُونَ ويَغْنَمُون. وقال: إذا نَفَّذَ الإِمامُ صَبِيحَةَ المَغارِ الخيلَ،