للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الفصلُ الرابعُ، أنَّه إنَّما يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ بشُرُوطٍ أربعةٍ؛ أحدُها، أن يَكُونَ المَقْتُولُ مِن المُقاتِلَةِ الذين يجُوزُ قَتْلُهم، فأمَّا إن قَتَل امرأةً، أو صَبِيًّا، أو شَيْخًا فانِيًا، أو ضَعِيفًا مَهِينًا، ونحوَهم ممَّن لا يُقاتِلُ، لم يسْتَحِقَّ سَلَبَه. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا. وإن كان أحَدُ هؤلاء يُقاتِلُ، اسْتَحَقَّ قاتِلُه سَلَبَه؛ لجَوازِ قَتْلِه، ومَن قَتَل أسِيرًا له أو لغيرِه، لم يَسْتَحِقَّ سَلَبَه؛ لذلك. الثانى، أن يَكُونَ المَقْتُولُ فيه مَنَعَةٌ، غيرَ مُثْخنٍ بالجراحِ، فإن كان مُثْخَنًا، فليس لقاتِلِه شئٌ مِن سَلَبِه. وبهذا قال مَكْحُولْ، وَحرِيزُ (١) بنُ عُثْمَانَ، والشافعىُّ؛ لأن مُعاذَ بنَ عمرِو بنِ الجَمُوحِ أثْبَتَ أبا جَهْلٍ، وذَفَّفَ عليه ابنُ مسعودٍ، فقَضَى النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بسَلَبِه لمُعاذِ بنِ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ، ولم يُعْطِ ابنَ مسعودٍ شيئًا (٢). الثالثُ، أن يَقْتُلَه أو يُثْخِنَه بالجِراحِ، فيَجْعَلَه في حُكْمِ المَقْتُولِ، فيَسْتَحِقَّ سَلَبَه؛ لحديثِ مُعاذِ بنِ عَمْرِو بنِ الجَمُوحِ. الرابعُ، أن يُغرِّرَ بنَفْسِه في قَتْلِه، فإن رَماه بسَهْمٍ مِن صَفِّ المسلمين فَقَتَلَه، فلا سَلَبَ له. قال أحمدُ: السَّلَبُ للقاتِلِ إنَّما هو في المُبارَزَةِ، لا يَكُونُ في الهَزِيمَةِ. وإن حَمَل جَماعةٌ مِن المسلمين


(١) في النسخ: «وجرير» تصحيف.
وهو حريز بن عثمان بن جبر الرحبى المِشْرَقى، تابعى ثبت، ولد سنة ثمانين، وتوفى سنة ثلاث وستين ومائة. تهذيب التهذيب ٢/ ٢٣٧ - ٢٤١.
(٢) أخرجه البخارى، في: باب من لم يخمس الأسلاب، من كتاب فرض الخمس، وفى: باب قتل أبى جهل، من كتاب المغازى. صحيح البخارى ٤/ ١١٢، ٩٤/ ٥، ٩٥. ومسلم، في: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، وباب قتل أبى جهل، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٣٧٢، ١٤٢٤.