للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على واحِدٍ فقَتَلُوه، فسَلَبُه غَنِيمَةٌ؛ لأنَّهم لم يُغَرِّرُوا بأنْفُسِهم في قَتْلِه.

فصل: وإنَّما يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ إذا قَتَلَه حالَ الحَرْب، فإنِ انْهَزَمَ الكُفّارُ كلُّهم، فأدْرَكَ إنْسانًا مُنْهَزِمًا فقَتَلَه، فلا سَلَبَ له؛ لأنَّه لم يُغَرِّرْ في قَتْلِه، وإن كانتِ الحَرْبُ قائِمَةً، فانْهَزَمَ أحَدُهم، فقَتَلَه إنْسانٌ، فله سَلَبُه؛ لأنَّ الحَرْبَ كَرٌّ وفَرٌّ، وقد قَتَل سَلَمَةُ بنُ الأكْوَعِ طَلِيعةً للكفّارِ وهو مُنْهَزِمٌ، وقال النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «مَنْ قَتَله؟» قالوا: ابن الأكْوَعِ. قال: «لَهُ سَلَبُهُ أجْمَعُ» (١). وبهذا قال الشافعىُّ. وقال أبو ثَوْرٍ، وداودُ، وابنُ المُنْذِرِ: السَّلَبُ لكلِّ قاتلٍ؛ لعُمُومِ الخَبَرِ، واحْتِجاجًا بحديث سَلَمَةَ هذا. ولَنا، أنَّ ابنَ مسعودٍ ذَفَّفَ على أبى جَهْلٍ، فلم يُعْطِه النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سَلَبَه، وأمَرَ بقَتْلِ عُقْبَةَ بنِ أبى مُعَيْطٍ، والنَّضْرِ بنِ الحارِثِ صَبْرًا، ولم يُعْطِ سَلَبَهما مَن قَتَلَهما، وقَتَل بنى قُرَيْظَةَ صَبْرًا (٢)، فلم يُعْطِ مَن قَتَلَهم أسْلابَهم، وإنَّما أعْطَى السَّلَبَ مَن قَتَل مُبارِزًا، أو كفَى المسلمين شَرَّه، وغَرَّرَ في قَتْلِه، والمُنْهَزِمُ بعدَ انْقِضاءِ الحَرْبِ، قد كفَى المسلمين شَرَّ نَفْسِه، ولم يُغَرِّرْ قاتِلُه بنَفْسِه في قَتْلِه، فهو كالأسيرِ. وأمَّا الذى قَتَلَه سَلَمَةُ


(١) أخرجه مسلم، في: باب استحقاق القاتل سلب القتيل، من كتاب إلجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٣٧٤، ١٣٧٥. وأبو داود، في: باب في الجاسوس المستأمن، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٤٥، ٤٦. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٤٦.
(٢) انظر لكل ذلك ما تقدم في صفحة ٨٤.