للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فكان مُتَحَيِّزًا إلى فِئَةٍ. وكذلك مَن قُتِلَ حالَ قِيامِ الحَرْبِ، فإنَّه وإن كان مُنْهَزِمًا فهو مُتَحَيِّزٌ إلى فِئَةٍ، وراجِعٌ إلى القِتالِ، فأشْبَهَ الكارَّ، فإنَّ القِتالَ كَرٌّ وفَرٌّ. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه لا يُشْتَرَطُ في اسْتِحْقاقِ السَّلَبِ أن تَكُونَ المُبارَزَةُ بإذْنِ الأمِيرِ؛ لأن كلَّ مَن قُضِىَ له بالسَّلَب في عَصْرِ النبىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- ليس فيهم مَن نُقِلَ إلينا أنَّه أُذِنَ له في المُبارَزَةِ، مع أنَّ عُمُومَ الخَبَرِ يقْتَضِى اسْتِحْقاقَ السَّلَبِ لكلِّ قاتلٍ، إلَّا مَن خَصَّه الدَّليلُ.

الفصلُ الخامسُ، أنَّ السَّلَبَ لا يُخَمَّسُ. رُوِى ذلك عن سَعْدِ بنِ أبى وَقَّاصٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وبه قال الشافعىُّ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال ابنُ عباسٍ: يُخمَّسُ. وبه فال الأوْزَاعِىُّ، ومَكْحُولٌ؛ لعُمُوم قولِه تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (١). وقال إسحاقُ: إنِ اسْتَكْثَرَ الإِمامُ السَّلَبَ خَمَّسَهُ، وذلك إليه؛ لِما روَى ابنُ سِيرِينَ، أنَّ البَراءَ بنَ مالكٍ بارَزَ مَرْزُبانَ الزَّأْرةِ (٢) بالبَحْرَيْن، فطَعَنَه فدَقَّ صُلْبَه، وأخَذَ سِوارَيْه وسَلَبَه، فلمّا صَلَّى عُمَرُ الظُّهْرَ، أتَى أبا طَلْحَةَ في دارِه، فقال: إنَّا كُنَّا لا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وإنُّ سَلَبَ الْبَراءِ قد بَلَغ مالًا، وأنا خَامِسُه. فكان أوَّلُ سَلَب خُمِّسَ في الإِسْلامِ سَلَبَ البَراءِ. رَواه سعيدٌ في «السُّنَنِ» (٣). وفيها أنَّ سَلَبَ البَراءِ بَلَغ ثلاثين ألفًا. ولَنا، ما روَى


(١) سورة الأنفال ٤١.
(٢) في م: «المرازبة».
(٣) تقدم تخريجه في صفحة ١٤٦.