مِلْكَه كان ثابِتًا عليه، ولم يُوجَدْ ما يُزِيلُه (١)، وإنَّما عُوقِبَ بإحْراقِ مَتاعِه، فما لم يَحْتَرِقْ يَبْقَى على ما كان. وإن كان معه شئٌ مِن كُتُبِ العِلْمِ والحديثِ، فيَنْبَغِى أن لا يُحَرَّقَ أيضًا؛ لأنَّ نَفْعَ ذلك يَعُودُ إلى الدِّينِ، وليس المَقْصُودُ الإِضْرارَ به في دِينِه، وإنَّما القَصْدُ الإِضْرارُ به في بعضِ دُنْياه.
فصل: فإن لم يُحَرَّقْ رَحْلُه حتى اسْتَحْدَثَ مَتاعًا آخَرَ، أو رَجَع إلى بلَدِه، احْرِقَ ما كان معه حالَ الغُلولِ. نَصَّ عليه أحمدُ في الذى يَرْجِعُ إلى بلَدِه. قال: يَنْبَغِى أن يُحَرَّقَ ما كانَ معه في أرْضِ العَدُوِّ. فإن مات قبلَ إحْراقِ رَحْلِه، لم يُحَرَّقْ. نَصَّ عليه؛ لأنَّه عُقُوبَةٌ، فيَسْقُطُ بالموتِ، كالحُدودِ، ولأنَّه بالموتِ انْتَقَلَ إلى وَرَثَتِه، وإحْراقُه عُقُوبةٌ لغيرِ الجانِى. وإن باعَ مَتاعَه، أو وَهَبَه، احْتَمَلَ أن لا يُحَرَّقَ؛ لأنَّه صارَ لغيرِه، أشْبَهَ انْتِقالَه بالموتِ. واحْتَمَلَ أن يُنْقَضَ البَيْعُ والهِبَةُ ويُحَرَّقَ؛ لأنَّه تَعَلَّقَ به حَقٌّ سابِقٌ على البَيْعِ والهِبَةِ، فوَجَبَ تَقْدِيمُه، كالقِصاصِ في حَقِّ الجانِى.
فصل: وإن كان الغالُّ صَبِيًّا، لم يُحَرَّقْ مَتاعُه. وبه قال الأوْزاعِىُّ، لأنَّ الإِحْراقَ عُقُوبَةٌ، وليس هو مِن أهْلِها، فأشْبَهَ الحدَّ. وإن كان عبدًا، لم يُحَرَّقْ مَتاعُه، لأنَّه لسَيِّدِه، فلا يُعاقَبُ سَيِّدُه بجِنايَةِ عَبْدِه. وإنِ اسْتَهْلَكَ ما غَلَّه، فهو في رَقَبَتِه؛ لأنَّه مِن جِنايَتِه. وإن غَلَّتِ المرأةُ أو ذِمِّىٌّ أُحْرِقَ