للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولَنا، قولُ اللَّهِ تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} (١). ولمّا صالَحَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أهْلَ الحُدَيْبِيَةِ على رَدِّ مَن جاءَه مُسْلِمًا وَفَّى لَهم، وقال: «إنَّا لَا يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ» (٢). ولأنَّ في الوَفاءِ مَصْلَحةً للأُسارَى، وفى الغَدْرِ مَفْسَدَةً في حَقِّهم؛ لأنَّهم لا يَأْمَنُون بعدَه، والحاجَةُ داعِيَةٌ إليه، فلَزِمَه الوَفاءُ، يَلْزَمُه الوَفاءُ بعَقْدِ الهُدْنَةِ، ولأنَّه عاهَدَهم على أداءِ مالٍ، فلَزِمَه الوَفاءُ لهم، كثَمَنِ المَبِيعِ، والمَشْرُوطُ في عَقْدِ الهُدْنَةِ في مَوْضِعٍ يجوزُ شَرْطُه. فإن عَجَز عن الفِداءِ وكانتِ امرأةً، لم تَرْجِعْ إليهم، ولم يَحِلَّ لها ذلك؛ لقولِ اللَّهِ تعالى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} (٣). ولأنَّ في رُجُوعِها تَسْلِيطًا لهم على وَطْئِها حَرامًا، وقد مَنَع اللَّهُ رسولَه رَدَّ النِّساءِ إلى الكُفَّارِ بعدَ صُلْحِه على رَدِّهِنَّ في قَضِيَّةِ الحُدَيْبِيَةِ، وفيها: فجاءَ نِسْوَةٌ مُؤْمِناتٌ فنَهاهم اللَّهُ أن يَرُدُّوهُن. روَاه أبو داودَ، وغيرُه (٤). وإن كان المُفادَى رَجُلًا، ففيه روايتان؛ إحْداهُما، لا يَرْجِعُ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ. وهو قولُ الحسَنِ، والنَّخَعِىِّ، والثَّوْرِىِّ، والشافعىِّ؛ لأنَّ الرُّجُوعَ إليهم مَعْصِيَةٌ، فلم يَلْزَمْ بالشَّرْطِ، كما لو كان امرأةً، وكما لو شَرَط قَتْلَ مُسْلِمٍ، أو شُرْبَ الخمرِ. والثانيةُ، يَلْزَمُه. وهو قولُ عثمانَ،


(١) سورة النحل ٩١.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٣٥٢.
(٣) سورة الممتحنة ١٠.
(٤) تقدم تخريجه في صفحة ١٣١.