للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والزُّهْرِىِّ، والأوْزاعِىِّ؛ لِما ذَكَرْنا في بَعْثِ الفِدَاءِ، ولأنَّ النبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عاهَدَ قريشًا على رَدِّ مَن جاءَه مُسْلِمًا، فَرَدَّ أبا بَصِيرٍ، وأبا جَنْدَلٍ، وقال: «إنَّا لَا يَصْلُحُ فِي دِينِنَا الْغَدْرُ». وفارَقَ رَدَّ المرأةِ، فإنَّ اللَّهَ تعالى فَرَّق بينهما في هذا الحُكْمِ حين صالَحَ النبىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قُرَيْشًا على رَدِّ مَن جاءَه منهم مُسْلِمًا، فأمْضَى اللَّهُ سبحانه ذلك في الرِّجالِ، ونَسَخَه في النِّساءِ. وسنَذْكُرُ الفَرْقَ بينهما في البابِ الذى بعدَه إن شاءَ اللَّهُ تعالى.

فصل: فإنِ اشْتَرَى الأسِيرُ شيئًا مُخْتارًا، أو اقْتَرَضَه، فالعَقْدُ صَحِيحٌ، ويلزَمُه الوَفاءُ لهم؛ لأنَّه عَقْدُ مُعاوَضَةٍ، فأشْبَهَ ما لو فَعَلَه غيرُ الأسِيرِ. وإن كان مُكْرَهًا، لم يَصِحَّ. وإن أكْرَهُوه على قَبْضِه، لم يَضْمَنْه، ولكن عليه رَدُّه إليهم إن كان باقيًا؛ لأنَّهم دَفَعُوه إليه بحُكْمِ العَقْدِ. وإن قَبَضَه باخْتِيارِه، ضمِنَه؛ لأنَّه قَبَضَه باخْتِيارِه عن عَقْدٍ فاسدٍ. وإن باعَه والعَيْنُ قائِمَةٌ، لَزِمَه رَدُّها، وإن عُدِمَت رَدَّ قِيمَتَها.

فصل: وإذا اشْتَرَى المُسْلِمُ أسِيرًا مِن أيْدِى العَدُوِّ، فإن كان بإذْنِه، لَزِمَه أن يُؤَدِّىَ إلى الذى اشْتَراه ما أدَّاه فيه، بغيرِ خلافٍ عَلِمْناه (١)؛ لأنَّه إذا أَذِن فيه، كان نائِبَه في شِراءِ نَفْسِه، فكان الثَّمَنُ على الآمِرِ، كالوَكيلِ. وإن كان بغيرِ إذْنِه، لَزِمَ الأسِيرَ الثَّمَنُ أيضًا. وبه قال الحسنُ، والزُّهْرِىُّ،


(١) بعده في الأصل: «إذا وزن بإذنه». وكذلك في المغنى ١٣/ ١٣٣.