للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَمْلُوكُ، فلأَنَّه غيرُ مَقْدُورٍ عليه، وغيرُ المَمْلُوكِ لا يَجُوزُ لِعِلَّتَيْنِ؛ عَدَمُ القُدْرَةِ، وعَدَمُ المِلْكِ؛ لحَدِيثِ أبى هُرَيْرَةَ، قيلَ في تَفْسِيرِه: هو بَيْعُ الطَّيْرِ في الهواء، والسَّمَكِ في الماءِ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلافًا, ولا فَرْقَ بين كَوْنِ الطائِرِ يَأْلَفُ الرُّجُوعَ، أو لا يَأْلَفُه؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه الآنَ، وإنَّما يَقْدِرُ إذا عادَ. فإنْ قيلَ: فالغائِبُ في مَكانٍ بَعيدٍ لا يَقدِرُ على تَسْلِيمِه في الحالِ! قُلْنا: الغائِبُ يَقْدِرُ على اسْتِحْضارِه، والطَّيْرُ لا يَقْدِرُ صاحِبُه على رَدِّه، إلَّا أنْ يَرْجِعَ هو بنَفْسِه، ولا يَسْتَقِلُّ مالِكُه برَدِّه، فيكونُ عاجِزًا عن تَسْلِيمِه، لعَجْزِه عن الواسِطَةِ التى يَحْصُلُ بها تَسْلِيمُه، بخِلافِ الغائِبِ. وإن باعَهُ الطَّيْرَ في البُرْجِ، نَظرتَ؛ فإن كان البُرْجُ مَفْتُوحًا، لم يَجُزْ؛ لأنَّ الطَّيْرَ إذا قَدَرَ على الطَّيَرانِ لم يُمْكِنْ تَسْلِيمُه، فإن كان مُغْلَقًا ويُمكِنُ أخْذُه، جازَ بَيْعُه. وقال القاضِى: إن لم يمكِنْ أخْذُه إلَّا بتَعَبٍ ومَشَقَّةٍ، لم يَجُزْ بَيْعُه. وهذا مَذْهَبُ الشّافِعِىِّ. وهو مُلْغًى بالبَعِيدِ الذى لا يُمْكِنُ إِحْضَارُه إلَّا بتَعَبٍ ومَشَقَّةٍ. وفَرَّقُوا بينهما، بأنَّ البَعِيدَ تُعْلَمُ الْكُلْفَةُ التى يحتاجُ إليها في إحْضارِه بالعادَةِ، وتَأخِيرُ التَّسْلِيمِ مُدَّتُه مَعْلُومَةٌ. والصَّحِيحُ أنَّ تَفاوُتَ المُدَّةِ في إحْضارِ البَعِيدِ، واخْتِلافَ المَشَقَّةِ أكْثَرُ مِن التَّفاوُتِ والاخْتِلافِ (١) في إِمْساكِ طائِرٍ مِن البُرْجِ، والعادَةُ تكونُ في هذا


(١) سقط من: م.