للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَكُنْ سَبَبٌ يَقْتَضِى جَوازُه، مِثلَ أَنْ يَجِدَ في السِّلْعَةِ عَيْبًا، فيَرُدَّها به، أو يكونَ قد شَرَطَ الخِيارَ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فيَمْلِكَ الرَّدَّ فيها، بغَيْرِ خِلافٍ عَلِمْناه بينَ أَهْلِ العِلْمِ. وفى مَعْنى العَيْبِ أَنْ يُدَلِّسَ المَبِيعَ بما يَخْتَلِفُ به الثَّمَنُ، أو يَشْتَرِطَ في المبيعِ صِفَة يَخْتَلِفُ بها الثَّمَنُ، فَيَبِينَ بخلافِه، أو يُخْبِرَه في المُرَابَحَةِ بثمنٍ حالٍّ وهو مُؤجَّلٌ، ونحوُ ذلك. وقد دَلَّ على لُزُومِ البَيْعِ بالتَّفَرُّقِ قولُ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: «وإنْ تَفَرَّقَا بعدَ أَنْ تَبَايَعَا، ولم يَتْرُكْ أحَدُهما البَيْعَ، فقد وَجَبَ البَيْعُ» (١). والمَرْجعُ في التَّفَرُّقِ إلى عُرْفِ النَّاسِ وعاداتِهم؛ لأَنَّ الشارِعَ عَلَّقَ عليه حُكمًا، ولم يُبَيِّنْه، فدَلَّ على أنَّه أرَادَ ما يَعْرِفُه الناسُ، كالقَبْضِ، والإِحْرَازِ. فإنْ كانا في فَضاءٍ واسِعٍ، كالمَسْجِدِ الكَبِيرِ، والصَّحْرَاءِ، فَبأَنْ يَمْشِىَ أحَدُهما مُسْتَدْبِرًا لِصاحِبه خُطُواتٍ. وقيلَ: هو أَنْ يَبْعُدَ منه بحَيْثُ لا يَسْمَعُ كَلامَه الذى يَتَكَلَّمُ به في العَادَةِ. قال أبو الحارِثِ: سُئِلَ أحمدُ عن تَفْرِقَةِ الأبْدانِ؟ فقال: إذا أَخَذَ هذا هكذا، وأخذ هذا هكذا، فقد تَفَرَّقَا. ورَوَى مُسْلِمٌ (٢)، عن نافِعٍ، قال: فكانَ ابنُ عمرَ إذَا بايعَ (٣)، فأَرادَ أَنْ لا يُقيلَه، مَشَى هُنَيْهَةً، ثم رَجَعَ. وإن كانَا في دارٍ كَبِيرَةٍ ذاتِ مَجالِسَ


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٢٦٥.
(٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢٦٧.
(٣) في م: «باع».