للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبُيُوتٍ، فالمُفَارقَةُ أَنْ يُفَارِقَه مِن بَيْتٍ إلى بَيْتٍ، أو إلى مَجْلِسٍ، أو صُفَّةٍ، أو مِن مَجْلِسٍ إلى بَيْتٍ، ونحوِ ذلك. فإنْ كانَا في دارٍ صَغِيرَةٍ، فإذا صَعِدَ أحَدُهما السَّطْحَ، أو خَرَجَ منها، فقد فارَقَه. وإنْ كانَا في سَفِينَةٍ صَغِيرَةٍ، خَرَجَ أحَدُهما منها ومَشَى، وإنْ كانت كَبِيرَةً صَعِدَ أحَدُهما على أَعْلَاها، ونَزَلَ الآخَرُ في أَسْفَلِها. وهذا كُلُّه مَذْهَبُ الشّافِعِىِّ. فإنْ كان المُشْتَرِى هو البائِعَ، مِثلَ أنِ اشْتَرَى لنَفْسِه مِن مالِ ولَدِه، أو اشْتَرَى لوَلَدِه مِن نَفْسِه، لم يَثْبُتْ فيه خِيارُ المَجْلِسِ؛ لأنَّه يَتَوَلَّى طَرَفَىِ العَقْدِ، فلم يَثْبُتْ له خِيارٌ، كالشَّفِيعِ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَثْبُتَ فيه، كغَيْرِه. فعلى هذا، يُعْتَبَرُ للُزُومِه مُفَارَقَةُ مَجْلِسِ العَقْدِ؛ لأَنَّ الافْتِرَاقَ لا يُمْكِنُ ههنا؛ لكَوْنِ البائِعِ هو المُشْتَرِىَ. ومتى حَصَلَ التَّفَرُّق لَزِمَ العَقْدُ، قَصَدا ذلك أو لم يَقْصِداه، عَلِماه أو جَهِلاه؛ لأَنَّ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلَّقَ الخِيارَ عِلى التَّفَرُّقِ، وقد وُجِدَ. ولو هَرَبَ أحَدُهما مِن الآخرِ، لَزِمَ العَقْدُ؛ لأنَّهُ فارَقَه. ولا يَقِفُ لُزومُ العَقْدِ على رِضاهُما، ولهذا كان ابنُ عمرَ يُفارِقُ صاحِبَ؛ ليَلْزَمَ البَيْعُ. ولو أقاما في المَجْلِسِ وسَدَلَا بَيْنَهما سِتْرًا، أو بَنَيَا بَيْنَهُما حاجِزًا، أو نامَا، أو قامَا فمَضَيَا جَمِيعًا ولم يَتَفَرَّقَا، فالخِيارُ بحالِه وإنْ طَالَتِ المُدَّةُ؛ لعَدَمِ التَّفَرُّقِ. وقد رَوَى أبو دَاوُدَ (١)، والأَثْرَمُ، بإسْنَادِهما عنِ أبى الوَضِئِ، قال: غَزَوْنَا غَزْوَةً لَنَا، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، فباعَ صاحِبٌ لَنَا فرَسًا بغُلامٍ (٢)،


(١) في: باب في خيار المتابعين من كتاب البيوع. سنن أبى داود ٢/ ٢٤٥. وانظر ما تقدم في تخريج حديث: «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا». في صفحة ٧.
(٢) في ر ١: «لغلام».