للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِن مالِكٍ جائِزِ التَّصَرُّفِ، فَنَفَذَ، كما بعدَ المُدَّةِ. وقَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا عِتْقَ فيما لا يَمْلِكُ ابنُ آدَمَ» (١). يَدُلُّ بمَفْهُومِه على أنَّه يَنْفُذُ في المِلْكِ، ومِلْكُ البائِعِ الفَسْخَ لا يَمْنَعُ نُفُوذَ العِتْقِ مِن المُشْتَرِي، كما لو باعَ عَبْدًا بجارِيَةٍ مَعِيبَةٍ (٢)، فإنَّ عِتْقَ المُشْتَرِي يَنْفُذُ، مع أنَّ للبائِعِ الفَسْخَ. ولو وَهَبَ رَجُلٌ ابْنَه عَبْدًا، فأعْتَقَه، نَفَذَ عِتْقُه مع مِلْكِ الأبِ اسْتِرْجاعَه. ولا يَنْفُذُ عِتْقُ البائِعِ في ظاهِرِ المَذْهَبِ. وقال أبو حَنِيفَةَ، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ: يَنْفُذُ عِتْقُه؛ لأنَّه مِلْكُه، وإنْ كان المِلْكُ انْتَقَلَ، فإنَّه يَسْتَرْجِعُه بالعِتْقِ. ولَنا، أنَّهُ إعْتَاقٌ مِن غيرِ مالِكٍ، فلم يَنْفُذْ، كعِتْقِ الأَبِ عَبْدَ ابْنِه الذي وَهَبَه إيَّاهُ، وقد دَلَلْنا على أنَّ المِلْكَ انْتَقَلَ إلى المُشْتَرِي. وإنْ قُلْنَا بالرِّوَايَةِ الأُخْرَى، وأنَّ المِلْكَ لم يَنْتَقِلْ إلى المُشْتَرِي نَفَذَ (٣) عِتْقُ البائِع دُونَ المُشْتَرِي. وإنْ أَعتَقَ البائِعُ والمُشْتَرِي جَمِيعًا، فإنْ تَقَدَّمَ عِتْقُ المُشْتَرِي، فالحُكْمُ على ما ذَكَرْناه، وإنْ تَقَدَّمَ عِتْقُ البائِعِ، فَيَنْبَغِي أنْ لا يَنْفُذَ عِتْقُ واحِدٍ منهما؛ لأنَّ البائِعَ لم يَنْفُذْ عِتْقُه، لكَوْنِه أَعْتَقَ غيرَ مَمْلُوكِه، ولكنْ حَصَلَ بإعْتَاقِه فَسْخُ البَيعِ واسْتِرْجَاعُ العَبْدِ، فلم يَنْفُذ


(١) أخرجه أبو داود، في: باب في الطلاق قبل النكاح، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٠٦. والترمذي، في: باب ما جاء لا طلاق قبل النكاح، من أبواب الطلاق. عارضة الأحوذي ٥/ ١٤٧. وابن ماجه، في: باب لا طلاق قبل النكاح، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٦٠. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ١٩٠.
(٢) في ر ا، ق: «معينة».
(٣) في ر ا، ق: «بعد».