عِتْقُ المُشْتَرِي. ومتى أعادَ البائِعُ الإِعْتَاقَ مَرَّةً ثانِيَةً، نَفَذَ إعْتَاقُه؛ لأنَّه عادَ العَبْدُ إليه، أشْبَهَ ما لو اسْتَرْجَعَه بصَرِيحِ قَوْلِه، إلَّا على الرِّوَايَةِ التي تقولُ: إنَّ تَصَرُّفَ البائِعِ لا يكُونُ فَسْخًا للبَيعِ. فيَنْبَغِي أنْ يَنْفُذَ إعتاقُ المُشْتَرِي. ولو اشْتَرَى مَن يَعْتِقُ عليه: جَرَى مَجْرَى إعْتَاقِه بصَرِيحِ قَوْلِه، وقد ذَكَرْنا حُكْمَه. وإنْ باعَ عَبْدًا بجَارِيَةٍ، بشرْطِ الخِيارِ، فأعْتَقَهما (١)، نَفَذ عِتْقُ الأَمَةِ دونَ العَبْدِ. وإنْ أَعْتَقَ أحَدَهما، ثم أعْتَقَ الآخَرَ، نَظَرْتَ؛ فإنْ أَعْتَقَ الأَمَةَ أَوَّلًا، نَفَذَ عِتْقُها، وبَطَلَ خِيَارُه، ولم يَنْفُذْ عِتْقُ العَبْدِ. وإنْ أعْتَقَ العَبْدَ أوَّلًا انْفَسَخِ البَيعُ، ورَجَعَ إليه العَبْدُ، ولم يَنْفُذْ إعْتَاقُه. ولا يَنْفُذُ عِتْقُ الأَمَةِ؛ لأنَّها خرَجَتْ بالفَسْخِ عن مِلْكِه، وعادَتْ إلى سَيِّدِها الذي باعَها.
فصل: وإذا قال لعَبْدِه: إذا بِعْتُكَ فأنت حُرٌّ. ثم باعَه، صارَ حُرًّا. نَصَّ عليه أحمدُ. وبه قال الحَسَنُ، وابنُ أبي لَيلَى، ومالِكٌ، والشَّافِعِيُّ. وسَواءٌ شَرَطَا الخِيارَ، أو لم يَشْرُطَاهُ. وقال أبو حَنِيفَةَ، والثَّوْرِيُّ: لا يَعْتِقُ؛ لأنَّه إذا تَمَّ بَيعُه، زال مِلْكُه عنه، فلم يَنْفُذْ إعْتَاقُه له. ولَنا، أنَّ زَمَنَ انْتِقَالِ المِلْكِ زَمَنُ الحُرِّيَّةِ؛ لأنَّ البَيعَ سَبَب لنَقْلِ المِلْكِ، وشَرْطٌ للحُرِّيَّةِ، فيَجِبُ تَغْلِيبُ الحُرِّيَّةِ، كما لو قال لعَبْدِه: إذا مِتُّ فأَنْتَ حُرٌّ.