للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولأنَّ الرَّدَّ كان جائِزًا قبلَ حُدُوثِ العَيبِ الثانِي، فلا يَزُولُ إلَّا بدَلِيلٍ، وليس في المسألةِ إجْماعٌ ولا نَصٌّ،، القِياسُ إنَّما يكونُ على أصْلٍ، وليس لِما ذَكَرُوه أصْلٌ، فيَبْقَى الجَوازُ بحالِه. إذا ثَبَت هذا، فإنَّه يَرُدُّ أرْشَ العَيبِ الحادِثِ عندَه؛ لأنَّ المَبيعَ بجُمْلَتِه مَضْمُونٌ عليه بقِيمَتِه، فكذلك أَجزَاؤُه. فإن زال العَيبُ الحادِثُ عِنْدَه، رَدَّهُ ولا شيءَ معه، على كِلْتَا الرِّوَايَتَينِ. وبه قال الشافِعِيُّ؛ لأَنَّه زال المانِعُ، مع قيامِ السَّبَبِ المُقتَضِي للرَّدِّ، فثَبَتَ حُكْمُه. ولو اشْتَرَى أمَةً، فحَمَلَتْ عندَه، ثم أصابَ بها عَيبًا، فالحَمْلُ عَيبٌ للآدَمِيَّاتِ دونَ غَيرِهِنَّ؛ لأنَّه يَمْنَعُ الوَطْءَ، ويُخافُ منه التَّلَفُ. فإنْ وَلَدَت، فالولَدُ للمُشْتَرِي. وإنْ نَقَصَتْها الولَادَةُ، فذلك عَيبٌ. وإنْ لم تَنْقُصْها الولَادَةُ، وماتَ الوَلَدُ، جازَ رَدُّها؛ لزَوَالِ العَيبِ. فإنْ كان وَلَدُها باقِيًا، لم يَكُنْ له رَدُّها دونَ وَلَدِها؛ لِما فيه مِن التَّفْرِيقِ بينَهما، وهو مُحَرَّم. وقال الشَّرِيفُ أبو (١) جَعْفَرٍ، وأبو الخَطَّابِ في «مِسائِلِهما»: له رَدُّها دونَ وَلَدِها. وهو قولُ أكثرِ أصحابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه مَوْضِعُ حاجَةٍ، فأشْبَهَ ما لو وَلَدَتْ حُرًّا، فإنّه يَجُوزُ بَيعُها دونَ وَلَدِها. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ فَرَّقَ بينَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِها، فَرَّقَ اللهُ بَينَه وبَينَ أَحِبَّتِه يومَ القِيامَةِ». رَواهُ التِّرْمِذِيُّ (٢)، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.


(١) في م: «ابن».
(٢) تقدم تخريجه في ١٠/ ١٠١.