للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: وكذلك كلُّ مَبِيع كان مَعِيبًا، ثم حَدَثَ به عَيبٌ عندَ المُشْتَرِي قبلَ عِلْمِه بالأوَّلِ، ففيه رِوَايَتانِ؛ إحداهُما، ليس له الرَّدُّ، وله أرْشُ العَيبِ القَدِيمِ. وبه قال الثَّوْرِيُّ، وابنُ شُبْرُمَةَ، والشَّافِعِيُّ، وأصْحَابُ الرَّأْي. ورُوِيَ ذلك عن ابنِ سِيرِينَ، والزُّهْرِيِّ، والشَّعْبِيِّ؛ لأنَّ الرَّدَّ يَثْبُتُ لإِزَالةِ الضَّرَرِ، وفي الرَّدِّ على البائِعِ إضْرارٌ به، ولا يُزَالُ الضَّرَرُ بالضَّرَرِ. والثانِيَةُ، له الرَّدُّ، ويَرُدُّ أرْشَ العَيبِ الحادِثِ عندَه، ويَأْخُذُ الثَّمَنَ. وإن شاءَ أمْسَكَهُ وله الأرْشُ. وبه قال مالِكٌ، وإسحاقُ وقال الحَكَمُ: يَرُدُّهُ. ولم يَذْكُرْ معه شيئًا. ولَنا، حَدِيثُ المُصَرَّاةِ؛ فإنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَرَ بِرَدِّها بعدَ حَلْبِها ورَدِّ عِوَضِ لَبَنِها (١). ولأنَّه رُوِيَ عن عثمانَ أنَّه قَضَى في الثَّوْبِ، إذا كان به عَوارٌ (٢)، يَرُدُّه، وإنْ كان قد لَبسَه. ولأَنَّه عَيبٌ حَدَثَ عندَ المُشْتَرِي، فكان له الخِيارُ بينَ رَدِّ المَبِيعِ وأَرْشِه، وبينَ أرْشِ العَيبِ الْقَدِيمِ،؛ لو حَدَثَ لاسْتِعْلامِ المَبِيعِ. ولأنَّ العَيبَينِ قد اسْتَوَيَا، والبائِعُ قد دَلَّسَ، والمُشْتَرِى لم يُدَلِّسْ، فكان رِعَايَةُ جَانِبِه أوْلَى.


(١) تقدم تخريجه في صفحة ٣٤٧.
(٢) العوار: مثلثة العين، هو العيب والخرق والشق في الثوب.