المَخِيضِ. ولا يَجُوزُ بَيعُ الزُّبْدِ بالسَّمْنِ؛ لأنَّ في الزُّبْدِ لَبَنًا يَسِيرًا، ولا شيءَ في السَّمْنِ، فيَخْتَلُّ التَّماثُلُ، ولأنَّه من الزُّبْدِ، فلم يَجُزْ بَيعُه، كالزَّيتُونِ بالزَّيتِ. وهذا مَذْهَبُ الشّافِعِيِّ. واخْتَارَ القاضِي جَوازَهُ؛ لأنَّ اللَّبَنَ الذي في الزُّبْدِ غيرُ مَقْصُودٍ، فوُجُودُه كعَدَمِه، ولهذا جازَ بَيعُ الزُّبْدِ بالمَخِيضِ. ولا يَصِحُّ ذلك؛ لأنَّ التماثُلَ شَرْطٌ، وانْفِرادُ أحَدِهما بوُجُودِ اللَّبَنِ فيه يُخِلُّ بالتّماثلِ، فلم يَجُزِ البَيعُ، كتَمْرٍ مَنْزُوعِ النَّوَى بما نَواهُ فيه، ولأنَّ أحَدَهما يَنْفَرِدُ برُطُوبَةٍ لا تُوجَدُ في الآخَرِ، أشْبَهَ الرُّطَبَ بالتَّمْرِ، وكُلَّ رَطْبٍ بِيابِسٍ من جِنْسِه. ولا يَجُوزُ بَيعُ شيءٍ من الزُّبْدِ والسَّمْنِ والمَخِيضِ بشيءٍ من أنْواعِ اللَّبَنِ، كالجُبْنِ واللِّبَأَ ونحوهِما؛ لأنَّ هذه الأنْواعَ لم يُنْزَعْ منها شيء، فهي كاللَّبَنِ الذي فيه زُبْدُه، فلم يَجُزْ بَيعُها به، كبَيعِ اللَّبَنِ بها. وأمّا بَيعُ الجبْنِ بالأقطِ، فلا يَجُوزُ بَيعُ رُطُوبَتِهما أو رُطُوبَةِ أحَدِهما، كما لا يَجُوزُ بَيع الرُّطَبِ بالتمْرِ. وإنْ كانَا يابِسَينِ احْتَمَلَ المَنْعَ؛ لأنَّ الجُبْنَ مَوْزُونٌ والأقِطَ مَكِيلٌ، فأشْبَهَ بَيعَ الخُبْزِ بالدَّقِيقِ. ويحْتَمِلُ الجَوازَ إذا تَماثَلَا، كبَيعِ الجُبْنِ بالجُبْنِ.
فصل: ولا يَجُوزُ بَيعُ رَطْبٍ بِيابِس، كالرُّطَبِ بالتمْرِ، والعِنَبِ بالزَّبِيبِ، والحِنْطَةِ المَبْلُولَةِ أو الرَّطْبَةِ باليابِسَةِ، والمَقْلِيَّةِ بالنِّيئَةِ، ونحو ذلك. وبه قال سَعْدُ بنُ أبي وَقّاصٍ، وسَعِيدُ بنُ المُسَيَّبِ، واللَّيثُ، ومالِكٌ، والشّافِعِيُّ، وإسْحاقُ، وأبو يُوسُفَ، ومحمّدٌ. وقال أبو