في بيعِ العَرِيَّةِ في الوَسْقِ والوَسْقَينِ والثّلاثَةِ والأرْبَعَةِ. والتَّخْصِيصُ بهذا يَدُلُّ على أنَّه لا تَجُوزُ الزِّيادَةُ في العَدَدِ عليه، كما اتَّفَقْنا على أنَّه لا تَجُوزُ الزّيَادَةُ على الخَمْسَةِ؛ لِتَخْصِيصِه إيّاهَا بالذِّكْرِ. ولأنَّ خَمْسَةَ الأوْسُقِ في حُكْمِ ما زادَ عليها في وجُوبِ الزَّكاةِ فيها دونَ ما نَقَصَ عنها. فأمّا قَولُهم: أرْخَصَ في العَرِيَّةِ مُطْلَقًا. فلم يَثْبُتْ أنّ الرُّخْصَةَ المُطْلَقَةَ سابِقَةٌ على الرُّخصَةِ المُقَيَّدَةِ، ولا مُتَأخِّرَةٌ عنها، بل الرُّخْصَةُ واحِدَة، رَوَاها بَعْضُهم مُطْلَقَةً وبعضُهم مُقَيَّدَةً، فيَجِبُ حَمْلُ المُطْلَقِ على المُقَيَّدِ، ويَصِيرُ القَيدُ المَذْكُورُ في أحَدِ الحَدِيثَينِ كأنَّه مَذْكُورٌ في الآخَرِ، ولذلك يُقَيَّدُ فيما زادَ على الخَمْسَةِ، اتّفَاقًا.
فصل: ولا يَجُوزُ أنْ يَشْتَرِيَ أكْثَرَ من خَمْسَةِ أوْسُقٍ فيما زادَ على صَفْقَةٍ، سواءٌ اشْتَرَاهَا مِن واحِدٍ أو مِن جَماعَةٍ. وقال الشّافِعِيُّ: يَجُوزُ للإِنْسانِ بَيعُ جميعِ حائِطِه عَرايَا، مِن رِجُلٍ واحِدٍ، ومِن رِجَالٍ في عُقُودٍ مُتَكَرِّرَةٍ، لعُمُومِ حَدِيثِ زيدٍ، ولأن كُلَّ عَقدٍ جازَ مَرَّةً جازَ أنْ يتَكَرَّرَ، كسائِرِ البُيُوعِ. ولَنا، عمومُ النَّهْي عن المُزَابَنَةِ، اسْتَثْنَى منه العَرِيَّةَ فيما دونَ خَمْسَةِ أوْسُقٍ، فما زادَ يَبْقَى على العُمُومِ في التَّحْرِيمِ. ولأنَّ ما لا يَجُوزُ عليه العَقْدُ مَرَّةً إذا كان نَوْعًا واحِدًا، لا يَجُوزُ في عَقدَينِ، كالذي على وَجْهِ الأرْضِ، وكالجَمْعِ بين الأخْتَينِ.