للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: ولا تُعْتَبَرُ حاجَةُ البائِعِ، فلو باعَ رَجُلٌ عَرِيَّةً من رَجُلَينِ فيها أكثرُ من خَمْسَةِ أوْسُقٍ، جازَ. وقال أبو بكْرِ، والقاضِي: لا يَجُوزُ، لِما ذَكَرْنا في المُشْتَرِي. ولَنا، أنّ المُغَلِّبَ في التَّجْويزِ حاجَةُ المُشْتَرِي، بدَلِيلِ ما رَوَى محمودُ بنُ لَبِيدٍ، قال: قُلْتُ لزَيدِ بنِ ثابِتٍ: ما عَرَايَاكُم هذه؟ فسمّى رِجَالًا مُحْتاجِينَ من الأنْصَارِ شَكَوْا إلى رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي، ولا نَقْدَ بأيدِيهِم يَبْتَاعُونَ به رُطَبًا يأْكُلُونَه، وعِنْدَهم فُضُولٌ من التَّمْرِ، فرَخَّصَ لهم أنْ يَبْتَاعُوا العَرايَا بخَرْصِها من التَّمْرِ الذي في أيدِيهم، يَأْكُلُونَه رُطَبًا (١). وإذا كان سَبَبُ الرُّخْصَةِ حاجَةَ المُشْتَرِي، لم تُعْتَبَرْ حاجَةُ البائِعِ إلى البَيعِ، فلا يَتَقَيَّدُ في حَقِّه بخَمْسَةِ أوْسُقٍ. ولأنَّنَا لو اعْتَبَرْنَا الحاجَةَ من المُشْتَرِي، وحاجَةَ البائِعِ إلى البَيعِ، أفْضَى إلى أنْ لا يَحْصُلَ الإِرْفاقُ، إذْ لا يكادُ يَتَّفِقُ وجُودُ الحاجَتَينِ، فَتَسْقُطُ الرُّخْصَةُ. فإنْ قُلْنا: لا يَجُوزُ ذلك. بَطَلَ العَقْدُ الثاني. وإنِ اشْتَرَى عَرِيَّتينِ، أو باعَهُما، وفيهما أقَلُّ من خَمْسَةِ أوْسُقٍ، جازَ، وَجْهًا واحِدًا.

الثاني، أنْ يكونَ مُشْتَرِيها مُحْتَاجًا إلى أكْلِها رُطَبًا، ولا يَجُوزُ بَيعُها لغَنِيٍّ. وهو أحَدُ قَوْلَي الشّافِعِيِّ. وله قَوْلٌ آخرُ، أنّها تُباحُ مُطْلَقًا لكلِّ


(١) ذكره الزيلعي في نصب الراية ٤/ ١٣، ١٤، وقال: لم أجد له سندًا بعد الفحص البالغ. وذكره الشافعي، في: باب بيع العرايا، من كتاب البيوع. الأم ٣/ ٤٧.