فرَهَنَه بمُؤَجَّلٍ، أو بالعَكْسِ، فإَّنه لا يَصِحُّ. وهذا مَنْصُوصُ الشَّافعيِّ. واحْتَمَلَ أن يَصِحَّ في القَدْرِ المَأذُونِ فيه، ويَبْطُلَ في الزّائِدِ عليه؛ لأنَّ العَقْدَ تَناوَلَ ما يَجُوزُ وما لا يَجُوزُ، فصَح فيما يَجُوزُ دُونَ غيرِه، كتَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. ويُفارِقُ ما ذَكَرْنا من الأصُول، فإن العَقْدَ لم يَتَناوَلْ مَأذُونًا فيه بحالٍ، وكلُّ واحِدٍ مِن هذه الأمُورِ يَتَعَلَّقُ به غَرَضٌ لا يُوجَدُ في الآخرِ، فإن الرّاهِنَ قد يَقْدِرُ على فَكاكِه في الحال، ولا يَقْدِرُ على ذلك عندَ الأجَلِ، وبالعَكْسِ، وقد يَقْدِرُ على فَكاكِه بأحَد النَّقْدَينِ دُونَ الآخَرِ، فيَفُوتُ الغَرَضُ بالمُخالفَةِ. وفي مَسْألتِنا إذا صَحَّ في المائَةِ المَأذُونِ فيها، لم يَخْتَلِفِ الغَرَضُ. فإن أطْلَقَ الإِذْنَ في الرَّهْنِ مِن غيرِ تَعْيِين، فقال القاضِي: يَصِحُّ، وله رَهْنُه بما شاء. وهو قولُ أصحابِ الرّأي. وأحَدُ قَوْلَي الشَّافعيِّ. والآخَرُ، لا يَجوزُ حتَّى يُبَيِّنَ (١) قَدْرَ الذي يَرْهَنُه به وصِفتَه وحُلُولَه وتَأجِيلَه؛ لأنَّ هذا بمَنْزِلَةِ الضَّمانِ، لأنَّ مَنْفَعَةَ العَبْدِ لسَيِّدِه، والعارِيَّةُ ما أفادَتِ المَنْفَعَةَ، إنَّما حَصَّلَتْ له نَفْعًا يَكُونُ الرَّهْنُ وَثِيقَةً عنه، فهو بمَنْزِلَةِ الضَّمانِ في ذِمَّتِه، وضَمانُ المَجْهُولِ لا يَصِحُّ. ولَنا، أنَّها عارِيَّةٌ، فلم يُشْتَرَطْ لصِحَّتِها ذِكْرُ ذلك، كالعَارِيَّةِ لغيرِ الرَّهْنِ، والدَّلِيلُ