على أنَّه عارِيَّة أنَّه قَبَضَ مِلْكَ غيرِه لمَنْفَعَةِ نفسِه مُنْفَرِدًا بها مِن غيرِ عِوَض، فكان عارِيَّةً، كقَبْضِه للخِدْمَةِ. وقَوْلُهم: إنَّه ضَمانٌ. غيرُ صَحِيح؛ لأنَّ الضَّمانَ يَثْبُتُ في الذِّمَّةِ، وهذا يَثْبُتُ في الرَّقَبَةِ، ولأنَّ الضَّمانَ لازِمٌ في حَقِّ الضّامِنِ، وهذا له الرُّجُوعُ في العَبْدِ قبلَ الرَّهْنِ وإلْزامُ المُسْتَعِيرِ بِفَكاكِه بعدَه. وقَوْلُهم: إنَّ المَنافِعَ للسَّيِّدِ. قُلْنا: المَنافِعُ مُخْتَلِفَة، فيَجُوزُ أن يَسْتَعِيرَه لتَحْصِيلِ مَنْفَعَةٍ واحِدَةٍ، وسائِرُ المَنافِعِ للسَّيِّدِ، كما لو اسْتَعارَه لحِفْظِ مَتاعٍ، وهو مع ذلك يَخِيطُ لسَيِّدِه أو يَعْمَلُ له شيئًا، أو اسْتَعارَه ليَخِيطَ له ويَحْفَظُ المَتاعَ لسَيِّدِه. فإن قيل: لو كان عارِيَّةً، لَما صَحَّ رَهْنُه؛ لأنَّ العارِيَّةَ لا تَلْزَمُ، والرَّهْنُ لازِمٌ. قُلْنا: العارِيَّةُ غيرُ لازِمَةٍ مِن جِهةِ المُسْتَعِيرِ، فإنَّ لصاحِبِ العَبْدِ المُطالبَةَ بفَكَاكِه قبلَ حُلُولِ الدَّينِ. ولأنَّ العارِيَّةَ قد تَكُونُ لازِمَةً فيما إذا أعارَه حائِطًا ليَبْنِيَ عليه، أو أرْضًا ليَزْرَعَ فيها ما لا يُحْصَدُ قَصِيلًا، ثم هو مَنْقُوضٌ بما إذا اسْتَعارَه ليَرْهَنَه بدَينٍ مَوْصُوفٍ عندَ رَجُل مُعَيّن إلى أجل مَعْلُوم. إذا ثَبَت ذلك، فإنَّه يَصِحُّ رَهْنُه بما شاء إلى أيِّ وَقْتٍ شاء؛ لأنَّ الإِذْنَ يَتَناوَلُ الكُلَّ بإطْلاقِه، وللسَّيِّدِ مُطالبَةُ الرّاهِنِ بفَكَاكِه، حالًّا كان أو مُؤَجَّلًا، في محِلِّ الحَقِّ وقبلَه؛ لأنَّ العاريَّةَ لا تَلْزَمُ. ومَتَى حَلَّ الحَّقُّ فلم يَقْبِضْه، فللمُرْتَهِنِ بَيعُ الرَّهْنِ، واسْتِيفاءُ الدَّينِ مِن ثَمَنِه، ويَرْجِعُ المُعِيرُ على الرّاهِنِ بالضَّمانِ، وهو قِيمَةُ العَينِ المُسْتَعارَةِ، أو مثلُها إن كانت مِن