للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

في مَحَلِّ النَّجاسَةِ دُون غيرِه، ولأنَّ مَقْصُودَ الغَسْلِ إزالةُ النَّجاسَةِ، ولا يَحْصُلُ ذلك بالتَّيَمُّمِ. ووجْهُ الأوَّلِ، قَوْلُه عليه السَّلامُ: «الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ طَهُورُ الْمُسْلِمِ» (١). وقَوْلُه: «جُعِلَتْ لِيَ الْأرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (٢). ولأنَّها طهارةٌ في البَدَنِ تُرادُ للصلاةِ، فجاز لها التَّيَمُّمُ قِياسًا على الحَدَثِ. ويُفارِقُ الغَسْلُ التَّيَمُّمَ؛ فإنَّه في طهارةِ الحَدَثِ يُؤْتَى به في غيرِ مَحَلِّه، فيما إذا تَيَمَّمَ لجُرْحٍ في رِجْلِه، بخِلافِ الغَسْلِ. قَوْلُهم: لم يَرِدْ به الشَّرْعُ. قُلْنا: هو داخِلٌ في عُمُومِ الأخْبارِ. إذا ثَبَت هذا، فتَيَمَّمَ وصَلَّى، فهل تَلْزَمُهْ الإِعادَةُ؟ فيه رِوايَتان؛ إحْداهُما، لا تجِبُ عليه الإِعادَةُ؛ لأنَّه أتَى بما أُمِرَ به. والثانيةُ، تجبُ عليه؛ لأنَّه صلَّى مع النَّجاسَةِ، أشْبَهَ إذا لم يَتَيَمَّمْ. واخْتارَ أبو الخَطّابِ وُجوب الإِعادةِ فِيما إذا تَيَمَّمَ لعَدَمِ الماءِ، بخِلافِ ما إذا كانتِ النَّجاسَةُ على جُرْحٍ؛ لأنَّه خائِفٌ للضَّرَرِ باسْتِعْمالِ الماءِ، أشْبَهَ المَرِيضَ. وقال أصحابُنا: لا تَلْزَمُه الإِعادَةُ فيهما؛ لقَوْلِه عليه السَّلامُ: «التُّرَابُ كَافيكَ مَا لَمْ تَجِدِ الْمَاءَ». وقِياسًا على طهارةِ الحَدَثِ، وكما لو تَيَمَّمَ للنَّجاسَةِ على الجُرْحِ عندَ أبي الخَطّابِ. فأمّا إن كانتِ النَّجاسَةُ على ثَوْبِه، لو يَتَيَمَّمْ لها؛ لأنَّ التَيّمَّمَ طهارةٌ في البَدَنِ، فلا تَنُوبُ عن غيرِ البَدَنِ، كالغَسْلِ.

فصل: إذا ثبت أنه تيمم للنجاسة، فقال القاضي: يحتمل أن لا يحتاج


(١) أخرجه الترمذي، في: باب التيمم للجنب إذا لم يجد الماء، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذي ١/ ١٩٢. والإمام أحمد، في: المسند ٥/ ١٨٠. وانظر المغني ١/ ١٩.
(٢) تقدم تخريجه في ١/ ٣٤.