إلى نِيَّةٍ، لأنَّ غَسْلَها لا يَفْتَقِرُ إلى نِيَّةٍ، كذلك التَّيَمُّمُ لها، وقِياسًا على الاسْتِجْمارِ. قال ابنُ عَقِيل: ويَحْتَمِلُ أنْ يُشْتَرَطَ، لقَوْلِه عليه السَّلامُ:«وَإنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(١). ولأنَّ التَّيَمُّمَ طهارةٌ حُكْمِيَّةٌ، وغَسْلُ النَّجاسَةِ بالماءِ طهارةٌ عَينِيَّةٌ، فجاز أن تُشْتَرَطَ النِّيَّةُ في الحُكْمِيَّةِ دُونَ العَينِيَّةِ؛ لِما بَينَهما مِن الاخْتِلافِ.
فصل: وإن اجْتَمَعَ عليه نَجاسَةٌ وحَدَثٌ، ومعه ماءٌ يَكْفِي أحَدَهما حَسْبُ، قَدَّمَ غَسْلَ النَّجاسَةِ. نَصَّ عليه أحمدُ، ورُوي عن سُفْيانَ. ولا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، لأنَّ التَّيَمُّمَ للحَدَثِ ثابِتٌ بالإِجْماعِ، والتَّيَمُّمُ للنَّجاسَةِ مُخْتَلَفٌ فيه. وإن كانتِ النَّجاسَةُ على ثَوْبِه، قَدَّمَ غَسْلَها، وتَيَمَّمَ للحَدَثِ. وحُكِي عن أحمدَ، أنَّه يَدَعُ الثَّوْبَ ويَتَوَضَّأُ، لأنَّه واجِدٌ للماءِ، والوُضوءُ أشَدُّ مِن الثَّوْبِ. وحَكاه أبو حنيفةَ، عن حَمّادٍ في الدَّم. والأوَّلُ أوْلَى؛ لما ذَكَرْنا، ولأنَّه إذا قُدِّمَتْ نَجاسَةُ البَدَنِ مع أنَّ للتَّيَمُّمِ فيها مَدْخَلًا، فتَقْدِيمُ طهارةِ الثَّوْبِ وليس له فيها مَدْخَلٌ أوْلَى. وإنِ اجْتَمَعَ نَجاسَةٌ على الثَّوْبِ، ونجاسةٌ على البَدَنٍ، غَسَل الثَّوْبَ، وتَيَمَّمَ لنَجاسَةِ البدنِ، لأنَّ للتَّيَمُّمِ فيها مَدْخَلًا.