للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه القَبُولُ، ولم يُعْتَبَرْ رِضاهُما. وقال أبو حنيفةَ: يُعْتَبَرُ رِضاهُما؛ لأنَّه مُعاوَضَةٌ، فيُعْتَبَرُ الرِّضا مِن المُتَعاقِدَين. وقال مالِكٌ، والشافعيُّ: يُعْتَبَرُ رِضا المُحْتالِ؛ لأنّ حَقَّه في ذِمَّةِ المُحِيلِ، فلا يَجُوزُ نَقْلُه إلى غيرِها بغيرِ رِضاه، كما لا يَجُوزُ أن يُجْبِرَه على أن يَأْخُذَ بالدَّينِ عَرْضًا (١). فأمّا المُحالُ عليه، فقال مالِكٌ: لا يُعْتَبَرُ رِضاه، إلَّا أن يَكُونَ المُحْتالُ عَدُوَّه. وللشافعيِّ في اعْتِبارِ رِضاه قَوْلان؛ أحدُهما، يُعْتَبَرُ. وهو يُحْكَى عن الزُّهْرِيِّ؛ لأنَّه أحَدُ مَن تَتِمُّ به الحَوالةُ، فأشْبَهَ المُحِيلَ. والثّانِي، لا يُعْتَبَرُ؛ لأنَّه أقَامَه في القَبْضِ مُقامَ نَفْسِه، فلم يَفْتَقِرْ إلى رِضا مَن عليه الحَقُّ، كالتَّوْكِيلِ. ولَنا، قولُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذَا أُتْبعَ أحَدُكُمْ عَلَى مَلِئٍ فَلْيَتْبَعْ». [مُتَّفقٌ عليه] (٢). ولأنَّ للمُحِيلِ أن يُوَفِّيَ الحَقَّ الذي عليه بنَفْسِه وبوَكِيلِه، وقد أقامَ المُحال عليه مُقامَ نَفْسِه في التَّقْبِيضِ، فلَزِمَ المُحْتال (٣) القَبُولُ، كما لو وَكَّلَ رجلًا في إيفائِه. وفارَقَ ما إذا أرادَ أن يُعْطِيَه عمَّا في ذِمَّتِه عَرْضًا؛ لأنَّه يُعْطِيه غيرَ ما وَجَب له، فلم يَلْزَمْه قَبُولُه.


(١) في م: «عوضا».
(٢) سقط من: م. والحديث تقدم تخريجه في صفحة ٨٩.
(٣) في ق: «المحال».