فهو وَفاءٌ، وإن قَضاه مِن غيرِ جِنْسِه، فهو مُعاوَضَةٌ، وإن أبْرَأَه مِن بَعْضِه، فهو إبْراءٌ، وإن وَهَبه بعضَ العَينِ، فهو هِبَةٌ، فلا يُسَمَّى صُلْحًا. وسَمّاه القاضي وأصحابُه صُلْحًا. وهو قولُ الشافعيِّ. والخِلافُ في التَّسْمِيَةِ، أمّا المَعْنَى فمُتَّفَقٌ عليه. وهو يَنْقَسِمُ إلى إِبرَاءٍ، وهِبَةٍ، ومُعاوَضَةٍ، وقد ذَكَرْنا الإِبْرَاءَ. فأمّا الهِبَةُ، فهو أن يَكُونَ له في يَدهِ عَينٌ، فيَقُولَ: قد وَهَبْتُك نِصْفَها وأعْطِنِي بَقِيَّتَها. فيَصِحُّ، ويُعْتَبَرُ له شُرُوطُ الهبَةِ. وإن أخْرَجَه مَخْرَجَ الشَّرْطِ، لم يَصِحَّ. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ؛ لأَنَّه إذا شَرَطَ في الهِبَةِ الوَفاءَ، جَعَل الهِبَةَ عِوَضًا عن الوَفاءِ، فكأنَّه عاوَضَ بعضَ حَقِّه ببَعْضٍ. فإن أبْرَأه مِن بعضِ الدَّينِ، أو وَهَب له بعضَ العَينِ بلَفْظِ الصُّلْحِ، مثلَ أن يقولَ: صالِحْنِي بنِصْفِ دَينِك علَيَّ، أو بنِصْفِ دارِك هذه. فيقولَ.: صالحْتُك بذلك. لم يَصِحَّ. ذَكَرَه القاضي وابنُ عَقِيلٍ. وهو قولُ بعضِ أصحابِ الشافعيِّ. وقال أكْثَرُهم: يَجُوزُ الصُّلْحُ؛ لأنَّه إذا لم يَجُزْ بلَفْظِه، خَرَج عن أن يَكُونَ صُلْحًا، ولا يَبْقَى له تَعَلُّقٌ به. أمّا إذا كان [بلَفْظِ الصُّلْحِ](١) سُمِّيَ صُلْحًا؛ لوُجُودِ اللَّفْظِ، وإن تَخَلَّفَ المَعْنَى، كالهِبَةِ بشَرْطِ الثَّوابِ. وإنَّما يَقْتَضِي لَفْظُ الصُّلْحِ المُعاوَضَةَ إذا كان ثَمَّ عِوَضٌ، أمّا مع عَدَمِه فلا. وإنَّما مَعْنَى الصُّلْحِ الاتِّفَاقُ والرِّضا، وقد يَحْصُلُ هذا مِن غيرِ عِوَض، كالتَّمْلِيكِ، إذا كان بعِوَضٍ سُمِّيَ بَيعًا، وإن خَلا عن العِوَضِ سُمِّيَ هِبَةً. ولَنا، أنَّ لَفْظَ الصُّلْحِ