للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لم يَمْلِكِ التَّصَرُّفَ قبلَه ولا بعدَه؛ لأنَّه لم يتَنَاوَلْه إذْنُه نُطْقًا ولا عُرْفًا، فإنَّه قد يَخْتَارُ التَّصَرُّفَ في زَمَنِ الحاجَةِ إليه دُونَ غيرِه، ولهذا لمَّا عَيَّنَ اللهُ تعالى لعِبادَتِه وَقْتًا، لم يَجُزْ تَقْدِيمُها عليه ولا تَأْخِيرُها عنه. فلو قال له: بِعْ ثَوْبِي غَدًا. لم يَجُزْ بَيعُه (١) قبلَه ولا بعدَه. فإن عَيَّنَ له المكانَ، وكان يَتَعلَّقُ به غَرَضٌ، مثلَ أن يَأْمُرَه [ببَيعِ ثَوْبِه] (٢) في سُوقٍ، وكان السُّوقُ مَعْرُوفًا بجَوْدَةِ النَّقْدِ، أو كَثْرَةِ الثَّمَنِ، أو حِلِّه، أو بصَلاحِ أهْلِه، أو بمَوَدَّةٍ بينَ المُوَكِّلِ (٣) وبَينَهم، تَقَيَّدَ الإِذْنُ به؛ لأنَّه نَصَّ على أمْرٍ له فيه غرضٌ، فلم يَجُزْ تفْويتُه. وإن كان هو وغيرُه سَواءً في الغَرضِ، لم يَتَقَيَّدِ الإِذنُ به، وجاز له البَيعُ في غيرِه، لمُساواتِه المَنْصُوصَ عليه في الغَرَضِ، فكان تَنْصِيصُه على أحَدِهما إذْنًا في الآخَرِ, كما لو اسْتَأْجَرَ أو اسْتَعارَ أرْضًا لزرَاعَةِ شيءٍ، كان إذْنًا في زِراعَةِ مثْلِه وما دُونَه، ولو اكْتَرَى عَقارًا، كان له أن يُسْكِنَه مثلَه، ولو نَذَر الاعْتِكافَ أو الصَّلاةَ في مَسْجدٍ، جاز له ذلك في غيرِه. وسَواءٌ قَدَّرَ له الثَّمَنَ أو لم يُقَدِّرْه. فأمّا إن عَيَّنَ له المُشْتَرِيَ فقال: بعْه فُلانًا. لم يَمْلِكْ بَيعَه لغيرهِ، بغيرِ خِلافٍ عَلِمْناه، سَواءٌ قَدَّرَ له الثَّمَنَ أَو لا؛ لأنَّه قد يكونُ له غَرَضٌ في تمليكِه إيّاه دُونَ غيرِه، إلَّا أن يَعْلَمَ بقَرِينَةٍ أو صَرِيحٍ أنَّه لا غَرَضَ له في عَينِ (٤) المُشْتَرِي.


(١) سقط من: م.
(٢) في الأصل: «ببيعه».
(٣) في م: «الوكيل».
(٤) في الأصل: «غير».