للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فصل: إذا اشْتَرَى الوَكِيلُ لمُوَكِّلِه شيئًا، انْتَقَلَ المِلْكُ مِن البائِعِ إلى المُوَكِّلِ، ولم يَدْخُلْ في مِلْكِ الوَكِيلِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَدْخُلُ في مِلْكِ الوَكِيلِ، ثم يَنْتَقِلُ إلى المُوَكِّلِ، لأنَّ حُقُوقَ العَقْدِ تَتَعلَّقُ بالوَكيلِ، بدَلِيلِ أنَّه لو اشْتَراه بأَكْثَرَ مِن ثَمَنِه، دَخَل في مِلْكِه ولم يَنْتَقِلْ إلى المُوَكِّلِ. ولَنا، أنَّه قَبِلَ عَقْدًا لغيرِه، صَحَّ له، فوَجَبَ أن يَنْتَقِلَ المِلْكُ إليه، كالأبِ والوَصِيِّ، وكما لو تَزوَّجَ له. وقَوْلُهم: إن حُقُوق العَقْدِ تَتَعلَّقُ به. غيرُ مُسَلَّمٍ. ويَتَفَرَّعُ عن هذا أنَّ المُسْلِمَ لو وَكَّلَ ذِمِّيًّا في شِرَاءِ خمرٍ (١) أو خِنْزِيرٍ، فاشَتَراهُ له، لم يَصِحَّ الشِّراءُ. وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ، ويَقَعُ للذِّمِّيِّ؛ لأنَّ الخَمْرَ مالٌ لهم؛ لأنهم يَتَمَوَّلونَها ويَتَبايَعُونَها، فصَحَّ تَوْكِيلُهم فيها، كسائِرِ أمْوالِهِم. ولَنا، أنَّ كلَّ ما لا يَجُوزُ للمُسْلِمِ العَقْدُ عليه، لا يجوزُ أن يُوَكِّلَ فيه، كتَزْويجِ المَجُوسِيَّةِ، وبهذا خالفَ سائِرَ أمْوالِهِم. وإذا باع الوَكِيلُ بثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، ثَبَت المِلْكُ للمُوَكِّلِ في الثَّمَنِ؛ لأنَّه بِمنزِلَةِ المَبِيعِ. وإن كان الثَّمَنُ في الذِّمّةِ، فللوَكِيلِ والمُوَكِّلِ المُطالبَةُ به. وبهذا قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ: ليس للمُوَكِّلِ المُطالبَةُ؛ لأنَّ حُقُوقَ العَقْدِ تَتَعَلَّقُ بالوَكِيلِ دُونه، ولهذا يتَعَلَّقُ مَجْلِسُ الصَّرْفِ والخيارُ به دُونَ مُوَكِّلِه، فكذلك القبضُ. ولَنا، أنَّ هذا دَينٌ للمُوَكِّلِ يَصِحُّ قَبْضُه له، فمَلَكَ المُطالبَةَ به، كسائِر دُيُونِه


(١) في م: «دم».