فصل: فإن دَفَع رَجُلٌ دابَّته إلى آخَرَ ليَعْمَلَا عليها، وما رَزَق الله بينَهما نِصْفَين، أو أثْلاثًا، أو ما شَرَطاه، صَحَّ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ الأثْرَمِ، ومحمدِ بنِ أبي حَرْب، وأحمدَ بنِ سعيدٍ. ونُقِل عن الأوزاعِيِّ ما يَدُلُّ على هذا. وكَرِه ذلك الحَسَنُ، والنّخَعِيُّ. وقال الشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ، وأصحابُ الرأي: لا يَصِحُّ، والرِّبْحُ كلُّه لرَبِّ الدّابَّةِ؛ لأنَّ الحِمْلَ الذي يُسْتَحَقُّ به العِوَضُ منها، وللعامِلِ أجْرُ مِثْلِه؛ لأنَّ هذا ليس مِن أقْسامِ الشَّرِكَةِ، إلَّا أن تَكُونَ المُضارَبَةُ، ولا تَصِحُّ المُضارَبَةُ بالعُرُوضِ، ولأنَّ المُضارَبَةَ تَكُونُ بالتِّجارَةِ في الأعْيانِ، وهذه لا يَجُوزُ بَيعُها ولا إخْراجُها عن مِلْكِ مالِكِها. وقال القاضي: يتَخَرَّجُ أن لا يَصِحَّ، بِناءً على أنَّ المُضارَبَةَ بالعُرُوضِ لا تَصِحُّ. فعلى هذا، إن كان أجَرَ الدّابَّةَ بعَينها، فالأجْرَةُ لمالِكِها، وإن تَقَبَّلَ حَمْلَ شيء فحَمَلَه عليها، أو حَمَل عليها شيئًا مُباحًا فباعَه، فالأجْرَةُ والثَّمَنُ له، وعليه أجْرُ مِثْلِها لمالِكِها. ولَنا، أنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ عليها، فصَحَّ العَقْدُ ببعض نَمائِها، كالدّراهِمِ والدَّنانِيرِ، وكالشَّجَرِ في المُساقاةِ، والأرْضِ في المُزارَعَةِ. [فإن رَجَح](١) قَوْلُهم: إنَّه ليس مِن أقْسامِ الشَّرِكَةِ، ولا هو مُضارَبَةٌ.