فصل: ويَجُوزُ الاسْتِئْجارُ لتَطْيِينِ السُّطُوحِ والحِيطانِ وتَجْصِيصِها. ولا يَجُوزُ على عَمَلٍ مُعَيَّنٍ؛ لأن الطِّينَ يَختَلِفُ في الرِّقَّةِ والغِلَظِ، والأرضَ تَخْتَلفُ، منها العالي والنّازِل، وكذلك الحِيطان، فلذلك لم يَجُزْ إلَّا على مُدَّةٍ.
فصل: وإذا اسْتَأجَرَ دارًا، جاز إطْلاقُ العَقْدِ، ولم يَحْتَجْ إلى ذِكْرِ السُّكْنَى، ولا صِفَتِها؛ لِما ذَكَرْنا. وهذا مَذْهَبُ الشافعيِّ، وأصحابِ الرَّأي. وقال أبو ثَوْرٍ: لا يَجُوزُ حتى يقولَ: أبِيتُ تَحتَها أنا وعِيَالِي؛ لأنَّ السُّكْنَى تَخْتَلِفُ، ولو اكْتَراها ليَسْكُنَها، فتَزَوَّجَ امرأةً، لم يَكُنْ له أن يُسْكِنَها معه. ولَنا، أنَّ الدّارَ لا تُكْتَرى إلَّا للسُّكْنَى، فاسْتُغْنِيَ عن ذِكْرِه، كإطْلاقِ الثَّمَنِ في بَلَدٍ فيه نَقْدٌ مَعْرُوفٌ، والتَّفاوُتُ في السُّكْنَى يَسِيرٌ، فلم يَحْتَجْ إلى ضَبْطِه؛ لِما ذَكَرْنا. وما ذَكَره (١) لا يَصِحُّ؛ فإن الضَّرَرَ لا يَكادُ يَخْتَلِفُ بكَثْرَةِ مَن يَسْكُنُ وقِلَّتِهم، ولا يُمْكِنُ ضبْطُ ذلك، فاجْتُزِئ فيه بالعُرْفِ، كما في دُخُولِ الحَمّامِ وشِبْهِهِ، ولو اشْتُرِط ما ذَكَرَه، لوَجَبَ أن يَذْكُرَ عَدَدَ السُّكّانِ، وأن لا يَبِيتَ عندَه ضَيفٌ، ولا غيرُ مَن ذَكَرَه، ولكان يَنْبَغي أن يَعْلَمَ صِفَةَ السّاكِنِ كما يَعْلَمُ ذلك فيما إذا اكْترَى للرُّكُوبِ.