مِن التَّحَلِّي واللِّباسِ للنِّساءِ (١) ما حَرَّمَ على الرِّجَالِ؛ لحاجَتِهِنَّ إلى التَّزَيُّنِ للأزْواجِ، وأسْقَطَ الزَّكاةَ عن حَلْيِهِنَّ مَعُونَةً لَهُنَّ على اقْتِنائِه. وما ذَكَرُوه مِن نَقْصِها بالاحْتِكاكِ لا يَصحُّ؛ لأنَّ ذلك يَسير لا يُقابَلُ بعِوَض، ولا يَكادُ يَظْهَرُ في وَزْنٍ، ولو ظهر، فالأجْرُ في مُقابَلَةِ الانْتِفاعِ، لا في مقابَلَةِ الأجْزاءِ؛ لأنَّ الأجْرَ في الإجارَةِ إنَّما هو عِوَضُ المَنْفَعَةِ، كما في سائِرِ المواضِعِ، ولو كان في مُقابَلَةِ الجُزْءِ الذّاهِبِ، لَما جازَ إجارَةُ أحَدِ النَّقْدَين بالآخَرِ؛ لإِفْضائِه إلى التَّفْرُّقِ في مُعاوَضَةِ أحَدِهما بالآخَرِ قبل القَبْضِ.
فصل: ولو استأجَرَ مَن يَسْلُخُ له بَهِيمةً بجِلْدِها، لم يَجُزْ؛ لأنَّه لا يَعْلَمُ هل يَخْرُجُ الجِلْدُ سَلِيمًا أوْ لا؟ وهل هو ثَخِينٌ أوْ رَقِيق؟ ولأنَّه لا يَجُوزُ أن يكون عِوَضًا في البَيعِ، فلا يَجُوزُ أن يكونَ عِوَضًا في الإِجارَةِ، كسائِرِ المَجْهُولاتِ. فإن سَلَخَه بذلك، فله أجْرُ مِثْلِه. وإنِ استَأجَرَه لطَرْحِ مَيتَةٍ بجِلْدِها، فهو أْبلَغُ في الفَسادِ؛ لأنَّ جِلْدَ المَيتَةِ نَجِسٌ لا يجوزُ بَيعُه، وقد خَرَج بمَوْتِه عن كَوْنِه مِلْكًا، وله أجْرُ مِثْلِه إن فَعَل.
فصل: ولو استأجَرَ راعِيًا لغَنم بثُلَثِ دَرِّها وصُوفِها وشَعَرِها