للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ونَسْلِها، أو نِصْفِه أو جَمِيعِه، لم يَجُزْ. نَصَّ عليه أحمدُ في رِوايَةِ جَعْفَرِ (١) بن محمدٍ النَّسائيِّ؛ لأنَّ الأجْرَ غيرُ مَعْلُوم، ولا يَصْلُحُ عِوضًا في البيعِ. قال إسماعيلُ بنُ سعيدٍ: سألتُ أحمدَ عن الرجلِ يَدْفَعُ البَقَرَةَ إلى الرجلِ على أن يَعْلِفَها ويَحْفَظَها، ووَلَدُها بينهما. فقال: أكْرَه ذلك. وبه قال أبو أيُّوبَ وأبو خَيثَمَةَ. ولا أعْلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّ العِوَضَ مَعْدُومٌ مَجْهُولٌ لا يُدْرَى أيوجَدُ أمْ لا، والأصْلُ عَدَمُه، ولا يَصْلُحُ أن يَكُونَ ثَمَنًا. فإن قيل: فقد جَوَّزْتُم دَفْعَ الدّابَّةِ إلى مَن يَعْمَلُ عليها بنِصْفِ مَغَلِّها (٢). قلنا: إنَّما جازَ ثَمَّ تَشْبِيهًا بالمُضارَبةِ، ولأنَّها عَينٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ، فجازَ اشْتِراطُ جُزْء مِن النَّماءِ، كالمُضارَبَةِ والمُساقاةِ. وفي مَسألَتِنا لا يُمْكِنُ ذلك؛ لأنَّ النَّماءَ الحاصِلَ في الغَنَمِ لا يَقِفُ حُصُولُه على عَمَلِه فيها، فلم يُمْكِنْ إلْحاقُه بذلك. وذَكَر صاحِبُ المُحَرَّرِ روايةً أخرى: أنَّه يَجُوزُ، بِنَاءً على ما إذا دَفَع دابتَّهَ أو عَبْدَه بجُزْءٍ مِن كَسْبِه. والأوَّلُ ظاهِرُ المَذْهَبِ؛ لِما ذَكَرْنا مِن الفَرْقِ. وعِلى قِياسِ ذلك، إذا دَفَعَ نَحْلَهُ إلى مَن يَقُومُ عليه بجُزْءٍ مِن عَسَلِه وشَمْعِه، يُخرَّجُ على الرِّوايَتَين. فإنِ اكْتَراه على رَعْيِها مُدَّةً مَعْلُومةً بجُزْءٍ مَعْلُومٍ منها، صَحَّ؛ لأنَّ العَمَلَ والمُدَّةَ والأجْرَ مَعْلُومٌ، فصَحَّ، كما لو جَعَل الأجْرَ دَراهِمَ، ويَكُونُ النَّماءُ الحاصِلُ بينهما بحُكْمِ المِلْكِ؛ لأنَّه مَلَكَ الجُزْءَ المَجْعُولَ له منها في الحالِ، فكان له نَماؤه، كما لو اشْتَراه.


(١) في النسخ: «سعيد». وانظر: طبقات الحنابلة ١/ ١٢٤.
(٢) أي غلتها التي تأتي من العمل عليها.