وسَأله عن كِتابَةِ الحَدِيثِ بالأجْرِ، فلم يَرَ به بَأسًا. ولابدَّ مِنَ التَّقْدِيرِ بالمُدَّةِ أو العَمَلِ، فإن قَدَّرَه بالعَمَلِ، ذَكَر عَدَدَ الوَرَقِ، وقَدرَه، وعَدَدَ السُّطُورِ في كلِّ ورَقةٍ، وقَدْرَ الحَواشِي، ودِقةَ القَلَمِ وغِلَظَه. فإن عَرَفَ الخَطَّ بالمُشاهَدَةِ، جازَ، وإن أمْكَنَه (١) بالصِّفَةِ ضَبَطَه، وإلَّا فلابُدَّ مِنَ المُشاهَدةِ؛ لأنَّ الأجْرَ يَخْتَلِفُ باخْتِلافِه. ويجوزُ تَقْدِيرُ الأجْرِ بأجْزاءِ الفَرْعِ، وبأجْزاءِ الأصْلِ. وإن قاطَعَه على نَسْخِ الأصْلِ بأجْر واحدٍ، جازَ. وإن أخْطَأ بالشَّيءِ اليَسِيرِ، عُفِيَ عنه؛ لأَنه لا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه. وإن كان كثيرًا بحيث يَخْرُجُ عنِ العادَةِ، فهو عَيب يُرَدُّ به. وقال ابنُ عَقِيلٍ: ليس له مُحادَثَةُ غيرِه حال النَّسْخِ. ولا التَّشاغُلُ بِما يَشْغَلُ سِرَّه ويُوجِبُ غَلَطَه، ولا لغيرِه تَحْدِيثُه وشَغْلُه. وكذلك الأعْمالُ التي تَخْتلُّ بِشَغْلٍ السِّرِّ والقَلْبِ، كالقِصارَةِ والنِّساجَةِ ونحوهما. ويجوزُ أن يَسْتَأجِرَ على نسْخِ مُصْحَفٍ، في قولِ أكثرِ أهْلِ العِلْمِ؛ منهم جابرُ بنُ زَيدٍ، ومالِكُ بنُ دينار، وبه قال أبو حنيفةَ، والشافعيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وقال ابنُ سِيرينَ: لا بَأسَ أن يَسْتَأجرَ الرجلَ شَهْرًا، ويَسْتَكْتِبَه مُصْحَفًا. وكَرِهَ عَلْقَمةُ كِتابَةَ المُصْحَفِ بالأَجْرِ، ولَعَلَّه يَرَى ذلك مما يَخْتَصُّ كَوْنَ فاعِله مِن أهْلِ القُرْبَةِ، فكَرِهَ الأجْرَ عليه، كالصَّلاةِ. ولَنا، أَنه فِعْل مُباح يجوزُ أن يَنُوبَ فيه الغيرُ عن الغيرِ، فجازَ أخْذُ الأجْرِ عليه،